تنزيل
0 / 0

هل يشرع رش القبر بالماء عند كل زيارة ؟

السؤال: 222921

ذكرتم في السؤال رقم : ( 10373 ) أنه ينبغي رش القبر وما حوله بشيء من الماء حتى يتماسك ترابه ولا يتطاير ، وفهمتُ أن ذلك يتم عقب دفن الميت مباشرة ، فما حكم الرش عموماً في كل مرة يُزار فيها القبر ؟
وعلمت أيضاً أنه لا ينبغي وضع الزهور على القبور ، لكن ماذا لو جئنا فوجدنا على قبر ميِّتنا زهوراً وضعها شخص آخر ، فهل نزيلها أم ندعها كما هي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
ذكر أهل العلم رحمهم الله : استحباب رش القبر بالماء بعد الدفن ، وذكروا علة ذلك : بأن الماء يساعد على تثبيت تراب القبر من أن تنسفه الريح ، وذكروا أيضاً أنه عليه الصلاة والسلام ، قد فعل ذلك عند دفنه لابنه إبراهيم .

قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله :
” ( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَشَّ ) الْقَبْرُ ( بِالْمَاءِ ) ؛ لِئَلَّا يَنْسِفَهُ الرِّيحُ ; وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ ابْنِهِ . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ” انتهى من ” أسنى المطالب ” (1/329) .

وقال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله :
” ( وَيُسَنُّ أَنْ يُرَشَّ عَلَيْهِ ) أَيْ : الْقَبْرِ ( الْمَاءُ , وَيُوضَعَ عَلَيْهِ حَصًى صِغَارٌ مُحَلَّلٌ بِهِ , لِيَحْفَظَ تُرَابَهُ ) ؛ لِمَا رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ مَاءً وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَثْبَتُ لَهُ , وَأَبْعَدُ لِدُرُوسِهِ , وَأَمْنَعُ لِتُرَابِهِ مِنْ أَنْ تُذْهِبَهُ الرِّيَاحُ , وَالْحَصْبَاءُ صِغَارُ الْحَصَا ” انتهى من ” كشاف القناع ” (2/139) .

ورش القبر بالماء ، الأصل فيه أن يكون بعد الدفن مباشرة ، لكن إذا كان هناك حاجة لفعله ولو بعد مدة ، كأن يُخشى على قبر من القبور أن يتطاير ترابه ، فلا حرج في هذه الحال أن يعاد رش الماء على القبر مرة أخرى ؛ لأن العلة التي ذكرها أهل العلم رحمهم الله في مشروعية رش الماء على القبر متحققة في هذه الحال ، وقد ذهب بعض أهل العلم : إلى أن استحباب الرش بالماء ليس خاصاً بوقت الدفن ، بل يجوز ولو بعد مدة من دفن الميت ، يعني : عند الحاجة إلى ذلك .

جاء في ” حاشية الرملي الكبير ” (1/328) : ” ( قَوْلُهُ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرُشَّ الْقَبْرُ بِالْمَاءِ ) قَالَ شَيْخُنَا : وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ بِمُدَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ ” انتهى .

وينتبه إلى أن مشروعية رش القبر ، إنما هو فيما إذا كان القبر ترابا ، كما هو الأصل في مشروعيته ، ولم يكن مبنيا كحال أكثر القبور في البلدان ، في هذا الزمان ، فإن مثل هذه القبور المبنية ، والمبلطة ، كهيئة البيوت ، لا حاجة إلى رشها ، ولا مصلحة في ذلك أصلا .

وأما الرش المجرد بدون سبب ، أي أن الإنسان يرش الماء على القبر عند كل زيارة ، فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه رضوان الله عليهم ، وعليه ، فلا يشرع فعل ذلك ، بل هو إلى البدعة أقرب ، خاصة إذا ظن أن مثل ذلك يفيد الميت في شيء ، أو يخفف عنه ، أو يروح له في قبره ، وكل هذا باطل لا أصل له .

والأولى بالمسلم أن يقتصر على الوارد في زيارة القبور ، وهو السلام على أهلها والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة ، فهذا الذي ينتفع به الأموات ، وأما رش القبور بالماء ، فلا نفع فيه للأموات ، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (156412) .

ثانياً :
سبق في جواب السؤال رقم : (48958) ، وجواب السؤال رقم : (14370) ، أن وضع الزهور على القبور ، لا يشرع ؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، بل هو أقرب إلى التشبه بالكفار ، وأفعالهم عند قبورهم ، من العناية بعمارتها ، وبنائها ، وتزيينها ، وتشييدها .

وعليه : فإذا كان على القبر شيء من تلك الزهور التي وضعت على القبر ، فإنها تزال .

فقد جاء في ” فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ” (3/200) :
” أما تشجير المقبرة ، فهو لا يجوز ، وفيه تشبه بعمل النصارى الذين يجعلون مقابرهم أشبه ما تكون بالحدائق ، فيجب إزالتها وإزالة صنابير الماء التي وضعت لسقيها ، ويبقى من الصنابير ما يحتاج إليه للشرب ، وتليين التربة ” انتهى .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android