تتفاوت محبتنا للأنبياء عليهم السلام بحسب فضلهم
السؤال: 223502
من المعلوم أن محبتنا لمحمد صلى الله عليه وسلم تفوق محبتنا لأنفسنا وجميع الناس ومن ضمنهم الأنبياء ، ولكن هل يجب أن تتفاوت محبتنا لبقية أنبياء الله بحسب أفضليتهم عند الله أم أن في ذلك تفريق منهي عنه بينهم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
محبة الأنبياء واجبة ، فإن محبتهم من الإيمان ، وهم أولى أهل الإيمان والصلاح :
بالحب في الله .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
” يجب علينا أن نحب الأنبياء ؛ لما لهم من مقام الصدق وإبلاغ الرسالة والصبر
والتحمل ، لأننا نحبهم لله ، وهم على رأس من نحبهم لله ، فكما يجب علينا أن نحب
شخصاً لله يجب علينا أن نحب الأنبياء أكثر وأكثر ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ”
لابن عثيمين .
ومحبتنا للأنبياء تتفاوت
بتفاوت فضائلهم ، فمن كان أفضل كانت محبته أكثر ، وذلك لأن محبتنا لهم تابعة لمحبة
الله تعالى ، فمن كانت محبة الله له أشد كانت محبتنا له كذلك ، وذلك يكون بحسب
مراتبهم في الفضل .
قال ابن القيم رحمه الله :
” وكل محبَّة وتعظيم للبشر فَإِنَّمَا تجوز تبعا لمحبة الله وتعظيمه ، كمحبة
رَسُوله وتعظيمه فَإِنَّهَا من تَمام محبَّة مرسله وتعظيمه ، فَإِن أمته يحبونه لحب
الله لَهُ ويعظمونه ويجلونه لإجلال الله لَهُ ، فَهِيَ محبَّة لله من مُوجبَات
محبَّة الله ، وَكَذَلِكَ محبَّة أهل الْعلم وَالْإِيمَان ومحبة الصَّحَابَة رَضِي
الله عَنْهُم وإجلالهم تَابع لمحبة الله وَرَسُوله لَهُم ” انتهى من ” جلاء الأفهام
” (ص/187) .
وكلهم محبوبون معظمون مبجلون
، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
وهذا كمحبتنا للصحابة رضي الله عنهم ، فإننا نحبهم جميعا ، ويكون لأفاضلهم محبة
زائدة على غيرهم ؛ وذلك لأن المحبة تابعة للأفضلية .
قال ابن حجر الهيتمي رحمه
الله :
” سُئِلَ شيخ الْإِسْلَام مُحَقّق عصره أَبُو زرْعَة الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ رَحمَه
الله عَمَّن اعْتقد فِي الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة الْأَفْضَلِيَّة على التَّرْتِيب
الْمَعْلُوم ، وَلكنه يحب أحدهم أَكثر هَل يَأْثَم ؟
فَأجَاب : بِأَن الْمحبَّة قد تكون لأمر ديني وَقد تكون لأمر دُنْيَوِيّ ، فالمحبة
الدِّينِيَّة لَازِمَة للأفضلية ، فَمن كَانَ أفضل كَانَت محبتنا الدِّينِيَّة لَهُ
أَكثر ، فَمَتَى اعتقدنا فِي وَاحِد مِنْهُم أَنه أفضل ثمَّ أحببنا غَيره من جِهَة
الدّين أَكثر كَانَ تناقضا …
فَمن اعْترف بِأَن أفضل هَذِه الْأمة بعد نبيها صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر
ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ ، لكنه أحب عليا أَكثر من أبي بكر مثلا : فَإِن
كَانَت الْمحبَّة الْمَذْكُورَة محبَّة دينية فَلَا معنى لذَلِك ، إِذْ الْمحبَّة
الدِّينِيَّة لَازِمَة للأفضلية كَمَا قَرَّرْنَاهُ ، وَهَذَا لم يعْتَرف بأفضلية
أبي بكر إِلَّا بِلِسَانِهِ ، وَأما بِقَلْبِه فَهُوَ مفضل لعَلي لكَونه أحبه
محبَّة دينية زَائِدَة على محبَّة أبي بكر ، وَهَذَا لَا يجوز ” انتهى من ” الصواعق
المحرقة ” (1/187-188) .
وعلى هذا ، فالمؤمن يحب جميع
الأنبياء ، وتزيد محبته لمن زاد فضله منهم .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟