0 / 0

هل في المستغلات زكاة ؟

السؤال: 223513

عندي عقار أعددته للإيجار ، فكيف أخرج زكاته ، هل أزكي قيمة العقار أم الأجرة فقط ؟ ، ومتى أزكيها ، عند قبض الأجرة ، أم بعد حولان الحول ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
الأشياء التي أعدها الإنسان للتأجير والاستفادة من أجرتها يقال لها : ” المُسْتَغَلَّات ” ؛ لأنها تدر على صاحبها غلةً ودخلاً .
قال في “تاج العروس” (30/121): ” اسْتَغلَّ المُسْتَغَلاَّتِ : أخذَ غَلَّتَها”.
فالمستغلات : يقصد بها كل ما هو معد للإيجار ، كالعقارات والسيارات والحافلات والطائرات والسفن التي تنقل الركاب أو البضائع …. وغير ذلك .
والفرق بين ” المستغلات” وبين ” عروض التجارة” : أن عروض التجارة هي الأشياء التي يتخذها الإنسان ليبيع أعيانها ، أما المستغلات فهو لا يقصد بيع العين ، وإنما يقصد الاستفادة من ريعها .

ثانياً :
الذي عليه عامة العلماء أن أعيان “المستغلات” لا زكاة فيها ، فلا زكاة على العقارات والسيارات والمصانع التي يؤجرها أصحابها. وإيجاب الزكاة فيها قول محدَث ، قال به بعض العلماء المتأخرين .
قال الشوكاني عن زكاة المستغلات : ” هذه مسألةٌ لا سمع بها أهل القرن الأول الذين هم خير القرون ، ولا القرن الذي يليه ، ثم الذي يليه ، وإنما هي من الحوادث والمسائل التي لم يَسمع بها أهل المذاهب الإسلامية على اختلاف أقوالهم وتباعد أقطارهم ، ولا توجد عليها أثارة من علم لا من كتاب ولا سنة ولا قياس ” انتهى من “السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار” (2/27).

ويدل على عدم وجوب الزكاة في أعيان المستغلات :
1-أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد الأموال التي تجب فيها الزكاة ، فلم يجعل منها ما يُستغل أو ما يُؤَجَّر من العقارات والدواب والآلات ونحوها ، ولو كانت الزكاة واجبة فيها لبينها الرسول صلى الله عليه وسلم .
2- أن فقهاء المسلمين في مختلف الأعصار، وشتى الأقطار، لم يقولوا بوجوب الزكاة في هذه المستغلات .
قال الشيخ عبد الله البسام رحمه الله تعالى : ” فمسألة المستغلات هي مسألة قديمة وليست جديدة ، هي موجودة في صدر الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي عهد أصحابه وفي الصدر الأول ، فلم يحدث فيها تشريع جديد ، وإنما بقيت على الأصل فيها [وهو عدم وجوب الزكاة] .
وكونها تضخمت وكثرت غلاتها ، وهذا أعتقد لا يغير من التشريع شيئًا ، التشريع لا يزال باقيًا ؛ لأن التشريع يقع على الكثير والقليل”. انتهى من “مجلة مجمع الفقه الإسلامي” (2/126).
وقد سئل الإمام مالك : “عن الرجل تكون له سفينة اشتراها يكريها [أي : يؤجرها] إلى مصر وإلى الأندلس، هل يقِّومُها في كل سنة ، ويخرج زكاة قيمتها؟.
فقال: لا يكون عليه أن يقومها[يعني : لا زكاة فيها] .
قال محمد بن رشد: لو اشتراها للتجارة لقوَّمها ، وإنما لم يقومها من أجل أنه اشتراها للكراء”.
انتهى من “البيان والتحصيل” (2/404).
وقال الإمام الشافعي : ” كُلُّ مَالٍ مَا كَانَ ، لَيْسَ بِمَاشِيَةٍ وَلَا حَرْثٍ وَلَا ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ ، يَحْتَاجُ إلَيْهِ ، أَوْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ ، أَوْ يَسْتَغِلُّ مَالَهُ غَلَّةً مِنْهُ ، أَوْ يَدَّخِرُهُ وَلَا يُرِيدُ بِشَيْءٍ مِنْهُ التِّجَارَةَ : فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِقِيمَةٍ ” انتهى من ” الأم” (2/50).
وقال ابن مفلح : ” وَلَا زَكَاةَ … فِي قِيمَةِ مَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ ، مِنْ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِمَا ، وفاقا للأئمة الثلاثة : أبي حنيفة ومالك والشافعي” انتهى من ” الفروع ” (4/205).

ثالثاُ :
أما الغلة (الأجرة) المأخوذة من المستغلات : فالزكاة فيها واجبة ، بلا خلاف بين العلماء ، إذا كانت مالاً زكوياً ، كالنقود .
ولكن اختلفوا متى يزكي هذه الغلة ؟ هل يزكيها عند قبضها ، أم بعد حولان الحول عليها ؟ والصحيح في هذا : أنه لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول ، فيخرج زكاتها ربع العشر ، إن بلغت نصابا .
قَالَ الإمام مَالِكٌ : ” الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي إِجَارَةِ الْعَبِيدِ وَخَرَاجِهِمْ ، وَكِرَاءِ الْمَسَاكنِ ، وَكِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ : أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الزَّكَاةُ ، قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ صَاحِبُهُ ” انتهى من “الموطأ” (1/247).
وقال الإمام الشافعي : ” وَالْعُرُوضُ الَّتِي لَمْ تُشْتَرَ لِلتِّجَارَةِ مِنْ الْأَمْوَالِ : لَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ بِأَنْفُسِهَا، فَمَنْ كَانَتْ لَهُ دُورٌ أَوْ حَمَّامَاتٌ لِغَلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، أَوْ ثِيَابٌ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ ، أَوْ رَقِيقٌ كَثُرَ أَوْ قَلَّ : فَلَا زَكَاةَ فِيهَا ، وَكَذَلِكَ لَا زَكَاةَ فِي غَلَّاتِهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فِي يَدَيْ مَالِكِهَا ” .
انتهى من ” الأم ” (2/50).
قال ابن عبد البر: ” هَوَ إِجْمَاعٌ مِنْ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَالْحَدِيثُ فيه مأثور عن علي وابن عُمَرَ : أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ … وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ جَمَاعَةِ العلماء ، إلا ما جاء عن ابن عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ …. وَلَمْ يُخَرِّجْ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَيْهِ ، وَلَا الْتَفَتَ إِلَيْهِ”. الاستذكار (3/159).
وقال ابن قدامة : ” وَمِنْ أَجَّرَ دَارَهُ ، فَقَبَضَ كِرَاهَا : فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ . وَعَنْ أَحْمَدَ : أَنَّهُ يُزَكِّيه إذَا اسْتَفَادَهُ .
وَالصَّحِيحُ : الْأَوَّلُ ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ).
“المغني” (4/247) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” أما إن كان العقار معدا للإجارة : فإن الزكاة لا تجب في أصله ، وإنما تجب في الأجرة إذا بلغت النصاب ، وحال عليها الحول” انتهى من ” مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ” (14/167) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “العقار المعد للإجارة ، ليس فيه زكاة ، ، لكن تجب الزكاة في أجرته إذا تم عليها الحول من العقد وهي عندك ، فإن أنفقتها قبل تمام الحول فلا زكاة فيها؛ لأن الزكاة لا تجب في المال حتى يتم عليه الحول” .
انتهى من ” فتاوى الشيخ ابن عثيمين ” (18/209) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عمن اشترى عقارا ليسكن فيه ويؤجر الباقي ، فهل عليه زكاة ؟
فأجابوا :
“تجب الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول ، وإن أنفقت قبل تمام الحول فلا شيء عليك.
أما العمارة نفسها فليس فيها زكاة ، لكونها لم تعد للبيع ، وإنما أعدت للسكن والإسكان” .
انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (9/ 343) .

وفي “قرارات مجمع الفقه الإسلامي” :
أولًا : أنه لم يؤثر نص واضح يوجب الزكاة في العقارات والأراضي المأجورة .
ثانيًا: أنه لم يؤثر نص كذلك يوجب الزكاة الفورية في غلة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية .
ولذلك قرر:
أولًا: أن الزكاة غير واجبة في أصول العقارات والأراضي المأجورة .
ثانيًا: أن الزكاة تجب في الغلة وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم القبض مع اعتبار توفر شروط الزكاة ، وانتفاء الموانع” انتهى من ” قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي” (ص: 2).

رابعا :
حول الأجرة يبدأ حسابه من أول العقد ، وليس من قبض الأجرة ، وقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم : (204754).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android