قال لي أحدهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بقميص ذي أكمام قصيرة ؛ نصف كُم ،فهل هذا صحيح ؟
كان كُمّ قميص النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرُّسغ .
السؤال: 223516
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا نعلم دليلا من السنة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لبس قميصا ذا كم قصير ، الذي يُسمى اليوم (نصف كم) لا في الصلاة ولا في غيرها .
بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس القميص ذا الأكمام الطويلة، وقد ورد أن أكمامه كانت تصل إلى الرسغ، وهو المفصل بين الكف والساعد .
روى أبو داود (4027) ، والترمذي (1765) وحسنه ، من طريق بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: ” كَانَتْ يَدُ كُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرُّسْغِ “
، ورواه البيهقي في ” الشعب ” (5758) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: ” كَانَ قَمِيصُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رُسْغِهِ ” .
وهذان الحديثان ضعيفان ، ضعفهما الألباني في “سلسلة الأحاديث الضعيفة” (2458) .
لكن لما كانت هذه الأحاديث ليست متعلقة بعبادة من العبادات ، ولا ببيان حكم شرعي ، تساهل العلماء في قبولها ، لاسيما وقد ورد عن بعض الصحابة ما يؤيدها.
روى ابن أبي شيبة (5/ 169) عَنِ ابْنِ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ ، قَالَ: ” رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَكُمُّ قَمِيصِهِ إِلَى الرُّسْغِ ” .
قال ابن القيم رحمه الله :
” كَانَ كُمُّهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الرُّسغِ ” انتهى من “زاد المعاد” (1/ 132) .
وكان بعض الناس يبالغ في تطويل أكمام قميص حتى كانت تتجاوز الكفين ، ويبالغ في توسيعها أيضا ، فأنكر العلماء ذلك .
قال ابن القيم رحمه الله :
” وَكَانَ صلى الله عليه وسلم قَمِيصُهُ مِنْ قُطْنٍ ، وَكَانَ قَصِيرَ الطُّولِ ، قَصِيرَ الْكُمَّيْنِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأَكْمَامُ الْوَاسِعَةُ الطِّوَالُ ، فَلَمْ يَلْبَسْهَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْبَتَّةَ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِسُنَّتِهِ، وَفِي جَوَازِهَا نَظَرٌ، فَإِنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْخُيَلَاءِ ” انتهى من ” زاد المعاد ” (1/ 135) .
وقال السيوطي رحمه الله :
” نصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ الْكُمِّ ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كُمُّهُ إِلَى الرُّسْغِ ، وَقَالَ الشَّيْخُ عز الدين بن عبد السلام: تَطْوِيلُ الْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ مُخَالِفة لِلسُّنَّةِ وَإِسْرَافٌ ” انتهى من ” الحاوي” (1/ 84) .
فهذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وهو الذي قبله العلماء وتناقلوه ، فمن قال منهم : إن أكمام قميص النبي صلى الله عليه وسلم كانت قصيرة ، فلم يرد أنها كانت (نصف كم ) وإنما أراد أنها كانت إلى الرسغ ، لا أنها كانت أقصر من ذلك ، ولا يعني هذا أن من لبس ثيابا ذات أكمام قصيرة (نصف كم) فهو مخالف للسنة ، فإن هذا من سنن العادة ، يتبع الشخص فيها عادة أهل بلده ما دامت غير مخالفة للشرع .
وينظر لتمام الفائدة جواب السؤال رقم : (68815) ، (126692) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة