معلوم عندي أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أرسله الله إلى اﻹنس والجن المكلفين الأحياء كافة بالإسلام ، ولكن هل يجب أن أعتقد كذلك أن الله أرسله إلى الخلق أجمعين ، ومعلوم أن كلمة الخلق أعم من مجرد الإنس والجن .
ثانيا : أعلم أن رسالته ليست محصورة للإنس والجن في زمانه ، وإنما هي عامة لكل الإنس والجن لمن هم في زمانه وما بعدهم ولكن إلى متى ، هل بظهور أول علامات الساعة الكبرى أم بقيام الساعة نفسها ؟
هل أُرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى كل مخلوق من الجن والإنس وغيرهم ؟
السؤال: 223528
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
اتفق المسلمون وتواتر عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، أن الله قد أرسله ، صلى الله عليه وسلم ، إلى الجن والإنس .
انظر : ” مجموع الفتاوى ” لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/204) ، (11/303) .
وأما الملائكة : فأكثر العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم لم يرسل إليهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : “محمد صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الثقلين : الإنس والجن ، ولم يرسل إلى الملائكة” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (12/221) .
وقال أيضا في كتابه “النبوات” (2/232) :
“إن آية النبي التي تثبت نبوته : لا بد أن تكون معجزة خارقة لعادة الإنس والجن ، ولا يشترط فيها أن تكون مما لا يقدر عليه الملائكة ، لأنهم (يعني الأنبياء) لم يرسلوا إلى الملائكة” انتهى بتصرف .
وعلى هذا : فالقول بأن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أرسله الله إلى الخلق أجمعين : قول غير صحيح ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يرسل إلى الملائكة ، كما أنه صلى الله عليه وسلم لم يرسل إلى سائر المخلوقات التي لا عقول لها ، إذ ليست مكلفة بشريعة ربانية ، حتى يرسل إليها رسول منها أو من غيرها ؛ وإنما الذي كلف ، وأعطاه الله تعالى أهلية التكليف ، هم الإنس والجن ، وقد أُرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ، جميعا ، كما سبق .
ثانيا :
كل الخلائق تشهد بصدق رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلا كفرة الإنس والجن ، فروى أحمد (14333) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ ، إِلَّا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ) وصححه محققو المسند، ولفظ الطبراني : (إلا كفرة الجن والإنس) .
ثالثا :
تستمر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإنس والجن ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فكل من خلق الله إلى هذا الزمان ، من الثقلين ، فهو مكلف بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ومتابعته .
غير أنه إذا طلعت الشمس من مغربها ، ختم على عمل الناس ؛ فمن لم يكن قد آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ، قبل ذلك : لم ينفعه إيمانه ، لو قدر أنه آمن بعد طلوع الشمس من مغربها، قال الله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)الأنعام/ 158 .
وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) متفق عليه .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب