تنزيل
0 / 0

الحكمة من قصر عمر هذه الأمة عن أعمار من سبقها من الأمم .

السؤال: 223639

ما سبب أن أعمار قوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم قصيرة ، وأعمار الأمم السابقة طويلة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أعمار هذه الأمة قصيرة بالنسبة لمن سبقهم من الأمم ؛ روى الترمذي (3550) وحسنه ،
وابن ماجة (4236) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى
السَّبْعِينَ ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ ) .
وحسنه الألباني في “صحيح الترمذي” .
وهذا من حكمة الله تعالى وقدرته وعلمه ، فيطيل أعمار من يشاء من عباده ، ويقصر من
أعمار من يشاء منهم ، ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون .

وقد تكلم بعض أهل العلم في الحكمة من ذلك ، فقيل : هذا
من رحمة الله بهذه الأمة ، قصر أعمارهم ، لئلا يبطروا ويستكبروا .
قال الطيبي رحمه الله : ” هذا من رحمة الله بهذه الأمة ورفقه بهم ، أخرهم في
الأصلاب ، حتى أخرجهم إلى الأرحام بعد نفاد الدنيا، ثم قصر أعمارهم لئلا يلتبسوا
بالدنيا إلا قليلا ، فإن القرون السالفة كانت أعمارهم وأبدانهم وأرزاقهم أضعاف ذلك
، كان أحدهم يعمر ألف سنة ، وطوله ثمانون ذراعا ، وأكثر، وأقل ، وحبة القمح ككلوة
البقرة ، والرمانة يحملها عشرة ، فكانوا يتناولون الدنيا بمثل تلك الأجساد ، وفي
تلك الأعمار، فبطروا واستكبروا وأعرضوا عن الله ( فصب عليهم ربك سوط عذاب) ، فلم
يزل الخلق ينقصون خلقا ورزقا وأجلا ، إلى أن صارت هذه الأمة آخر الأمم ، يأخذون
أرزاقا قليلة ، بأبدان ضعيفة ، في مدة قصيرة ، كيلا يبطروا، فذلك رحمة بهم ” انتهى
من “فيض القدير” (2/ 11) .

وقيل : ليخف حسابهم يوم القيامة ، فلا يتأخروا عن دخول
الجنة :
قال المناوي رحمه الله :
” فَأكْرم الله هَذَا الأمّة – يعني بذلك – بقلة عقابهم ، وحسابهم المعوّق لَهُم
عَن دُخُول الْجنَّة ” انتهى من “التيسير” للمناوي (1/ 176) .

وقيل : ليجتهدوا في العمل :
قال ابن الجوزي رحمه الله :
” إنما طَالت أَعَمَّار الأَوَائِل لطول البَادِيَة ، فَلَمَّا شَارف الركب بلد
الإِقَامَة ، قِيْلَ: حُثُّوا المَطِيّ ” انتهى من “سير أعلام النبلاء” (21/372) .

وقال ابن بطال رحمه الله :
” وكذلك إعلامه صلى الله عليه وسلم لهم : أن رأس مائة سنة ، لا يبقى ممن هو على ظهر
الأرض أحد ، إعلام منه لهم أن أعمار أمته ليست بطول أعمار من تقدم من الأمم السالفة
، ليجتهدوا في العمل ، وقد بيَّن ذلك في حديث آخر، فقال: ( أعمار أمتي من الستين
إلى السبعين وأقلهم من يجاوز ذلك ) ” .
انتهى من “شرح صحيح البخارى” (2/ 224) .

وقيل : عوضهم عن قصر أعمارهم بمضاعفة الثواب لهم :
قال الطوسي رحمه الله : ” ومن رحمة الله بهذه الأمة أن جعلهم في آخر الزمان، وجعل
أعمارهم قصيرة ، وضاعف لهم الثواب ” .
انتهى من ” نزهة المجالس ” (2/ 183) .
فعوضهم الله بليال وأزمنة وأمكنة ومناسبات تتضاعف فيها الأجور ، كليلة القدر وعشر
ذي الحجة ، وصيام عرفة ، وغير ذلك .

فأقام الله الحجة على الأولين والآخرين بطول أعمار
الأولين ، وأعلمهم أنه من يهده الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلا هادي له ، ولو عمر
في الأرض آلاف السنين .
وجعل في الأولين عبرة للآخرين ، ثم قصر أعمار الآخرين ، رحمة بهم ، وبارك لهم ،
وضاعف لهم أجورهم .

وهذه كلها : إنما هي اجتهادات ممن قالها من أهل العلم
، ليس في شيء منها ما دل واضح الدليل على صوابه ، وأنه حكمة الله في خلقه ؛ فالله
أعلم بالصواب من ذلك كله ، أو غيره ، وإنما ينبغي للعبد تلمس ما ينفعه من ذلك ،
فيعلم أن عمره قصير ، كما أن أعمار الأمة فيمن سبقها : قصيرة ، فليجتهد غايته في
تعمير وقته بما ينفعه عند الله وفي الدار الآخرة .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android