هل صحيح بأن معاوية نبش قبور الصحابة وقطع أصبع الصحابي الجليل حمزة عليه السلام ، وقال عندها الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه : “وَلَا يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكِرٌ أَبَدًا”؟ وهل هذه الحادثة بالفعل مذكورة في كتبنا، كتب السنة؟ بالتحديد في كتاب “الجهاد” لابن المبارك؟”
هل نبش معاوية رضي الله عنه قبور الصحابة ، وقطع إصبع حمزة ، رضي الله عنه؟
السؤال: 223912
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث أخرجه ابن المبارك في كتاب الجهاد ( 98 ) بسنده عن جابر بن عبد الله قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الكَظَّامَةَ قَالَ: قِيلَ مَن كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ يَعْنِي قَتْلَى أُحُدٍ قَالَ: فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنُّونَ، قَالَ فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَانْفَطَرَتْ دَمًا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: وَلَا يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكِرٌ أَبَدًا “.
وليس في هذه القصة ما يطعن به على معاوية رضي الله عنه ، لأنه لم يأمر بنبش القبور استهانة بها ؛ وإنما نقلها لمصلحة عامة ، وهي إيصال الماء لعامة المسلمين ، كما فيه حفاظ على القبور أن يجرفها الماء المار بجانبها ، فأخرج أصحابها رضي الله عنهم ليعاد دفنهم في مكان أبعد عن الماء ، وبحضور أقاربهم .
وقول أبي سعيد : ” ولا ينكر بعد هذا منكر أبدا ” : لعل المقصود به كرامة الشهداء ، وأنهم بقوا كما دفنوا ، ولم تتغير أجسادهم رغم مرور زمن طويل على دفنها .
ومما يدل على ذلك أن الإمام ابن المبارك أخرج هذا الحديث في كتابه الجهاد لبيان فضل الشهادة والشهداء.
قال الباجي : ” عبد الله بن عمرو وعمرو بن الجموح [ وهما أنصاريان ، سَلَمِيَّان ] كانا صهرين ، واستشهدا يوم أحد ، ودفنا في قبر واحد ، فحفر السيل قبرهما لما كان مما يليه ، أو قرب منه ، فأرادوا نقلهما عن مكانهما ذلك إلى موضع لا يضر به السيل ، فحفر عنهما لينقلا ، ولا بأس بحفر القبر وإخراج الميت منه، إذا كان ذلك لوجه مصلحة ، ولم يكن في ذلك إضرار به ، وليس من هذا الباب نبش القبور، فإن ذلك لوجه الضرر ، أو لغير منفعة “انتهى من ” المنتقى شرح الموطأ ” (3/225) .
والبخاري رحمه الله بوّب في صحيحه ” باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلّة ؟ ” ،وروى حديثا عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا ، فَاقْضِ ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا . فَأَصْبَحْنَا ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً ، غَيْرَ أُذُنِهِ )
البخاري ( 1351 ).
قال الحافظ ابن حجر : ” وفي حديث جابر دلالة على جواز الإخراج لأمر يتعلق بالحي ” انتهى من ” فتح الباري ” ( 3/ 215 ) .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب