تنزيل
0 / 0
1439404/02/2015

تبنته عائلة وحمل اسمها فهل يجب عليه التبرؤ منها ؟

السؤال: 224178

لقد تبنتني عائلة منذ أن كنت طفلاً صغيراً ، وحملتُ اسم هذه العائلة ، وقد قرأت في عدة فتاوى أن هذا حرام ، وأعتقد أنهم فعلوا هذا جهلاً لا عمداً ، ولعلهم محقون في ذلك ؛ لأنهم لم يعرفوا قط من هو والدي الحقيقي ، فقد جاءوا إلى دار الأيتام الذي كنت فيها وأخذوني منها ، ولا أحد يدري من هما والداي الحقيقيان ، لقد جيء بي إلى الدار وأنا في الأيام الأولى من عمري . فالسؤال الآن هو : هل يجب عليّ تغيير لقبي ، وهل يجب الإعلان في أوساط الناس أني مُتبنى ؟
إنني في الحقيقة أحب هذه العائلة التي لا أعرف لي عائلة سواها ، وأحمد الله أن سخرهم لي ، لكن يبقى الشرع مقدماً عندي على كل شيء سواه .

الأمر الآخر الذي أود استشارتكم فيه هو موضوع عمي الذي اتهمني بالكثير من الأشياء زوراً وأثار حولي الكثير من الأكاذيب ، وحاول النيل مني في عدة مناسبات ، وكان ينتهز الفرص عندما كنت صغيراً ليحرجني ويعذبني نفسياً أمام الآخرين ، وقد ساءت علاقتي معه ، وحصل كل ذلك عندما جاهدت نفسي لأتقرب إلى الله ، وألتزم بالدين ، وقد احترت بعض الشيء في أمره ؛ لأن الحديث ينص على الإحسان إلى ذوي القربى ، فهل هو من أقاربي ، علماً أنه لا تربطني به وشائج الدم والقربى الحقيقية ، وهل تنصحوني بالابتعاد عنه بالكلية لأتجنب الإحراج وما شابه ذلك ؟
لقد سامحته ، لكني غير مرتاح بإبقاء العلاقة معه ؛ لأنه لا يستغلها إلا لإيذائي .

ملخص الجواب

والخلاصة : أنه لا يجوز لك الانتساب إلى هذه العائلة بأن تتعمد نسبة نفسك إليها ، وفي الوقت نفسه لا إثم عليك إذا اشتهر عنك نسبك إليهم بغير تعمد منك ، أو كانت الأوراق الرسمية يتعذر تغييرها ، ولا يجب عليك التبرؤ اللفظي كلما دعاك أحدهم بنسبك الخطأ ، لكن لا تُقَدِّم أنت نفسك إلى الناس بالنسبة إلى من تبناك . والله أعلم .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الطفل مجهول النسب هو أحد ضحايا ضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى الناس ، الأمر
الذي يؤدي بهم إلى التخلي عن أبنائهم تحت بعض الظروف ، معرضين بذلك عن كل الأوامر
الشرعية والقيم الأخلاقية التي تأمر بالتزام المسؤولية ، والقيام على الرعية ،
وتنهى عن تضييع الأمانة ، والأبناء هم أعظم الأمانة .
والوصية لك بالصبر واحتساب أمرك عند الله سبحانه ، ورجاء ما عنده من واسع رحمته
وفضله وكرمه ، أن يكتب لك الأجر والمثوبة ، ويبدلك في جنته دارا خيرا من دارك ،
وأهلا خيرا من أهلك ، ويهيئ لك في الدنيا من تسعد بهم وتسكن إليهم من أهل الخير
والصلاح .
ومن جهة الحكم الشرعي فلم يعد خافيا على الناس – والحمد لله – حرمة التبني الذي هو
نسبة الولد إلى غير أبيه ، وذلك لقول الله عز وجل : ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ
أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي
الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ
وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )
الأحزاب/ 5.
وهذا يعني أنه لا يحل لك الاحتفاظ باسمك المثبت في الأوراق الرسمية الخاصة بك ، إذا
كان هذا الاسم يحمل اسم من قاموا على رعايتك ونسبهم كاملا من غير تغيير ، بل الواجب
عليك السعي في تعديل ذلك ، والاكتفاء بحمل نسب وهمي لا حقيقة له ، ولا وجود له ،
تسجله السلطات المسؤولة تبعا لنظامها الذي ينبغي أن يراعي هذا الأمر .
فإن تعذر ذلك التغيير لأسباب خارجة عن إرادتكم ، وكانت السلطات لا تراعي هذا الحكم
الشرعي ، فلا أقل من الاتفاق بينك وبين الأسرة الراعية على حقيقة الحال ، وأن منحك
نسبهم لا يعني حرمة نسائهم عليك على أنهن أخوات لك ، ولا يعني استحقاقك الميراث
منهم ، ولا غير ذلك من الأحكام الشرعية الكثيرة التي تبنى على ثبوت الأنساب .
وفي الوقت نفسه لا يجب عليك إشهار ذلك بين جميع الناس ، كما لا يجب عليك تنبيه كل
من يدعوك باسمك الذي اشتهرت به ، إلى حقيقة الأمر ، فاشتهارك بهذا الاسم والنسب لا
تتحمل إثمه ولا تبعته ، فأنت لم يكن لك يد في الأمر ؛ وإنما الواجب عليك أن تسعى في
التعديل لدى الدوائر الرسمية ، قدر المستطاع ، ثم إذا عَرَّفت نفسك ، أو قدمت نفسك
لأحد : أن تذكر نفسك باسم آخر ، غير ما نسبت إليه بالتبني .
وقد سبق بيان دليل ذلك في الفتوى رقم : (197354)
.
وأيضا : لا يحرم عليك مناداة أفراد هذه الأسرة بألقاب الاحترام والإجلال ، كأن
تدعوهم بالوالد والوالدة والأخ والأخت ، ولكن على سبيل المجاز ، بمعنى رفعة المقام
والإجلال والاحترام والتودد ، وليس أن تقصد المعنى الحقيقي ، فعن أبي ذر رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ
فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ) رواه البخاري (3508) .

وللتوسع يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية في موقعنا : (129988))
، (126003) ، (160909)
، (185184) ، (219664)
.
وأما حقوق البر ، والصلة والإحسان ، فإن ذلك كله ليس خاصا بالوالدين ، بل هو شرع
عام ، وخلق مع الناس جميعا ، ثم الوالدان لهما حق خاص ، وقدر خاص من ذلك ، وهكذا من
أحسن إلى الإنسان ، وقام له بدور الوالد ، له من ذلك ما ليس للناس سواه ، ولا إشكال
في ذلك ، ولا حرج .
وأما من سألت عنه في مقام ” عمك ” فلا حرج عليك في تجنب الاختلاط به والتعامل معه
درءا للمشاكل ، وإيثارا للسلامة ، مع الحرص على دفع السيئة بالحسنة ، لعله يكون
سببا في تأليف قلبه ، كما قال الله سبحانه : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا
السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ
صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت/34-35.
والخلاصة : أنه لا يجوز لك الانتساب إلى هذه العائلة بأن تتعمد نسبة نفسك إليها ،
وفي الوقت نفسه لا إثم عليك إذا اشتهر عنك نسبك إليهم بغير تعمد منك ، أو كانت
الأوراق الرسمية يتعذر تغييرها ، ولا يجب عليك التبرؤ اللفظي كلما دعاك أحدهم بنسبك
الخطأ ، لكن لا تُقَدِّم أنت نفسك إلى الناس بالنسبة إلى من تبناك .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android