قطعة أرض تبرعت بها امرأة لدائرة الاوقاف الاسلامية ، ومن ثم توفيت ، ولعدم استيفاء الإجراءات أعادها أحد الأقارب إلى ملكية الورثة بواسطة المحكمة ، وكنت أنا أحد الورثة ، فهل ملكية هذه الأرض والتصرف بها جائز أم ما زالت الارض وقفا لله تعالى ؟ بما أن مالكتها تقدمت بها كفعل خير لله تعالى ، ومع العلم أن الجزء الموروث من هذه الأرض انتقل على اسمي في دائرة الأراضي ، وأخشى التصرف به .
تبرعت بالأرض ثم استردها ورثتها بسبب عدم إكمال الإجراءات
السؤال: 224795
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
التبرع بقطعة أرض لدائرة الأوقاف الإسلامية : هو صورة من صور الوقف في الإسلام . والوقف ينعقد ويتم بالقول أو بالفعل الدال عليه . انظر : ” الإنصاف ” (6/363) .
فمثال القول : أن يقول : وقفت هذه الأرض ، أو تبرعت بها لبناء مسجد أو لهذه الجمعية …. ونحو ذلك .
ومثال الفعل : أن يبني مسجدا ويسمح للناس بالصلاة فيه ، فهو وقف وإن لم يقل : هذا المسجد وقف .
وكذلك لو وَقَّع على الأوراق التي فيها أنه تبرع بهذه الأرض لدائرة الأوقاف مثلا .
ثانيا :
لا يشترط لصحة الوقف ولزومه : أن يخرج الوقف عن يد الواقف ، فلو أوقف أرضا لجهة خيرية ، فقد صح الوقف وخرجت الأرض عن ملكه ، حتى وإن كانت يده باقية عليها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” ولا يشترط إخراج الوقف عن يد الواقف ، فلو وقف البيت وبقيت يده عليه : فالوقف يخرج عن ملكه ، وإن لم يخرج عن يده .
ولهذا لو أن إنسانا وضع دراهم في جيبه على أنها صدقة ، ثم بدا له ألا يتصدق ، فهذا يجوز ولا بأس به ، فهي ما دامت في يدك : إن شئت أمضيتها ، وإن شئت رددتها ، لكن الوقف : إذا وقف ، نفذ ؛ ولو كان تحت سيطرته ، وتحت يده ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (11/32) .
ثالثا :
بناء على ما سبق ؛ فإذا كانت تلك المرأة قد صرحت بالتبرع بهذه الأرض ، أو وقَّعت على الأوراق التي تثبت ذلك ، فقد صح الوقف ولزم ، وخرجت الأرض عن ملكها ، ولا يجوز للورثة أو غيرهم أن يستولي على تلك الأرض .
وفي هذه الحالة : يلزمك أن ترد نصيبك من الميراث إلى دائرة الأوقاف الإسلامية ، وتكتب لهم ما يفيد تنازلك عن هذه الأرض ؛ لأن الاستيلاء على الأرض ظلما من كبائر الذنوب ، حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري (2452) ، ومسلم (1610) .
رابعا :
إذا كان تبرع هذه المرأة بالأرض قد تم في مرض موتها ، ( وهو المرض الذي اتصل به موتها ) ، فلا ينفذ هذا التبرع إلا في ثلث التركة فقط ، فإن كانت الأرض ثلث التركة فأقل نفذ الوقف ، ولا حق للورثة في الأرض ، وإن كانت أكثر من ثلث التركة نفذ الوقف فيما يعادل الثلث فقط ، ولا ينفذ فيما زاد على ذلك إلا برضى الورثة .
قال ابن قدامة رحمه الله في ” المغني ” (8/215-216) :
” الْوَقْف فِي مَرَضِ الْمَوْتِ ، بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ ، فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ، فَاعْتُبِرَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مِنْ الثُّلُثِ ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ ، جَازَ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْوَرَثَةِ وَلَزِمَ ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ، لَزِمَ الْوَقْفُ مِنْهُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ ، وَوَقَفَ الزَّائِدُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ . لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِلُزُومِ الْوَقْفِ” انتهى .
وفي هذه الحالة يكون ما يعادل ثلث التركة من الأرض وقفا وما زاد على الثلث ، فهو للورثة .
فإن كانت الأرض بكاملها ، تبلغ ثلث التركة ، أو أقل ، نفذ الوقف ، ولزم في الأرض .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب