0 / 0

يستفسر منها زوجها عما يضايقها فهل يجوز لها أن تكذب حتى لا تحصل مشكلة ؟

السؤال: 224896

يجب علينا كمسلمين تحري الصدق ، لكن يبقى السؤال : فهل هذا في كل الأوقات ؟
فزوجي مثلاً يسألني في بعض الأحيان عن ما يضايقني أو ما الذي أريده أو ما الذي لا أريده ، فأفضّل عدم البوح والشكوى ؛ لأني إن فعلت فقد يغضب ، وقد يزداد الأمر سوءاً، أو ربما يتعسر عليه فهم مشاعري ، وفي المحصلة العامة يؤثر هذا كله سلباً على زواجنا، وأنا أقول هذا عن تجربة ، فقد سبق وأخبرته عدة مرات فثار خلاف بيننا تمنيت بعده أني لم أخبره بشيء .

إذا سؤالي هو : إذا سألني مستفسراً عن ماذا يزعجني ، وأعتقد اعتقاداً جازماً أن الإجابة ستثير المشاكل ، فهل أجيبه أم لا ؟

ملخص الجواب

والحاصل: أنك إن استطعت أن تستعملي التورية والمعاريض فهو أفضل ، وإن رأيت أنه لابد من الكذب فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى . قال القرطبي في " المفهم" : "فهذه الأحاديث قد أفادت : أن الكذب كله محرم لا يحل منه شيء ، إلا هذه الثلاثة ، فإنَّه رخص فيها لما يحصل بذلك من المصالح ، ويندفع به من المفاسد ، والأولى : ألا يكذب في هذه الثلاثة إذا وجد عنه مندوحة ، فإنَّ لم توجد المندوحة أُعملت الرخصة " انتهى . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

معلوم أن الكذب محرم لا يجوز ، ولكن روى مسلم (4717) عن أُمِّ كُلْثُومٍ رضي الله عنها قالت : سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا ، وَيَنْمِي خَيْرًا ) ، وَقَالَتْ : ” وَلَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : الْحَرْبُ ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ ، وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا ” .

وقد اختلف العلماء في معنى الكذب الذي رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، فذهب بعض العلماء إلى أنه المعاريض ، وهو أن يقول المتكلم كلاما محتملا ، فيفهم المخاطَب غير ما يقصده المتكلم ، وذهب آخرون من العلماء إلى أن المقصود به الكذب الصريح ، وهذا القول الثاني هو الأقرب لظاهر الحديث .
وانظري لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (136367) .

فقد أباح الرسول صلى الله عليه وسلم الكذب في هذه الثلاثة لما يترتب عليه من مصلحة ، ويندفع به من مفسدة .

فالكذب المباح بين الزوجين هو ما كان كذلك ، تحقق به مصلحة تتعلق بالعشرة بينهما ، كالألفة والمودة والمحبة ، وتندفع به بعض الخصومات والنزاعات بينهما .
ولكن بشرط أن لا يكون فيه ظلم للطرف الآخر ، ولا تعدٍّ على حقوقه ، ولذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
“اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْكَذِبِ فِي حَقّ الْمَرْأَة وَالرَّجُل : إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يُسْقِط حَقًّا عَلَيْهِ ، أَوْ عَلَيْهَا ، أَوْ أَخْذ مَا لَيْسَ لَهُ ، أَوْ لَهَا ” انتهى .

وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
ما حكم الشرع في نظركم في كذب أحد الزوجين على الآخر ، إذا كان فيه مصلحة لهذه الأسرة ؟
فذكر حديث أم كلثوم رضي الله عنها المتقدم ، ثم قال : ” فالنبي صلى الله عليه وسلم رخص بكذب الرجل على امرأته ، والمرأة على زوجها ، إذا كان فيه إصلاح ، إذا كان لا يضر أحداً ، بل ينفع ولا يضر، إذا كذب عليها لمصلحة تتعلق بها وبأهلها ، أو كذبت عليه لمصلحة تتعلق به وبأهله ، لا تضر أحداً : هذا طيب لا بأس به ، تقول: أهلي يحبونك ويثنون عليك …… ويثنون على خدماتك لهم حتى تشجعه ، طيب ، وهو يقول لها كذلك : أني سوف لا أتزوج عليك ، وسوف أجتهد فيما ينفعك ، وسوف أوصي أهلي بك خيراً . بكلماتٍ تنفعها وتسرها ” انتهى .
http://www.binbaz.org.sa/mat/9541

وقال الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله في ” شرح رياض الصالحين ” (1/ 1790) :
” كذلك من المصلحة : حديث الرجل زوجته ، وحديث المرأة زوجها فيما يوجب الألفة والمودّة ، مثل أن يقول لها : أنت عندي غالية ، وأنت أحبّ إليّ من سائر النساء ، وما أشبه ذلك ، وإن كان كاذبًا ، لكن من أجل إلقاء المودّة ، والمصلحة تقتضي هذا ” انتهى .

وسئل علماء اللجنة الدائمة عن امرأة تضطر أحيانا للكذب على زوجها .
فأجابوا : ” أما الكذب عليه : فلا بأس به ؛ إذا كان ذلك يترتب عليه مصلحة ، ولا يضر أحدا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للزوجين في كذب كل واحد منهما على الآخر ، فيما يتعلق بمصلحتهما، ولا يضر غيرهما . وبالله التوفيق” انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود .
انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (19/170) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android