تنزيل
0 / 0

هل يجوز الدعاء اللهم إن كان هذا الأمر شرا لي فاجعله خيرا وقدره لي ؟

السؤال: 224914

هل يجوز أن ادعو الله أن يرزقني بأمر معين وأن أقول " يا رب إن كنت أبعدته لأنه شر لي ، فاجعله خيرا بقدرتك واكتبه من نصيبي" ؛ لأني كما أعلم بأن الأقدار تتغير بالدعاء ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
الأصل في المسلم أن يسأل الله تقدير الخير له ، وصرف الشر عنه ، وإذا لم يعلم أن هذا الأمر خيرٌ له أم شر ، فالمشروع له تعليق الدعاء على علم الله سبحانه وتعالى .
فإن كان خيراً سأل الله حصولَه ، ودعا الله تعالى وألح عليه في الدعاء ، فإنه سبحانه يجيب دعوة المضطرين الملحين .
وإن كان شراً لم يجز له أن يسأل الله حصولَ الشر .
وإن كان لا يعلم خير هو أو شر فليقل – كما في دعاء الاستخارة – : اللهم إن كان خيراً فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وإن كان شراً فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به .
قال الحافظ ابن رجب : " الحاجات التي يطلبها العبد من اللَّه عز وجل نوعان:
أحدهما: ما علم أنه خير محض ، كسؤاله خشيته من اللَّه تعالى وطاعته وتقواه ، وسؤاله الجنة ، والاستعاذة به من النار ، فهذا يُطلَب من اللَّه تعالى بغير تردد ، ولا تعليق بالعلم بالمصلحة ؛ لأنّه خير محض ، ومصلحة خالصة ؛ فلا وجه لتعليقه بشرط وهو معلوم الحصول …
النوع الثاني: ما لا يعلم هل هو خير للعبد أم لا ، كالموت والحياة ، والغنى والفقر ، والولد والأهل ، وكسائر حوائج الدُّنْيَا التي تُجْهَل عواقبها .
فهذه لا ينبغي أن يسأل الله منها إلا ما يعلم فيه الخيرة للعبد ، فإن العبد جاهل بعواقب الأمور ، وهو مع هذا عاجز عن تحصيل مصالحه ودفع مضاره ، فيتعين عليه أن يسأل حوائجه من هو عالم قادر ، ولهذا شرعت الاستخارة في الأمور الدنيوية كلها ، وشُرع أن يقول الداعي في استخارته : " اللَّهُمَّ أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيم ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -ويسميه باسمه- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي ودُنْيَايَ…" انتهى من " مجموع رسائل ابن رجب" (1/153).
ثانياً :
لا يشرع للعبد سؤال الله حصول الأمر على كل الأحول خيراً كان أو شراً ، أو دعاؤه " إن كان حصول هذا الأمر شراً أن يجعله خيراً " ، وذلك لما يلي :
– أن مثل هذا لا يُعرف في السنة ، ولا في كلام السلف ، وإنما يُعرف دعاء الاستخارة ، وهو بخلاف ذلك ، فلا يعدل عنه إلى خلافه .
– أن العبد يدعو ربه دعاء تضرع ومسكنة لييسر له الخير ويدفع عنه الشر ، فإذا كان كلما رغب في الشيء سأل الله حصوله إن كان خيراً ، وجعْلَه خيراً إن كان شراً : لم يكن دعاؤه دعاء فقر ومسكنة وتضرع ، بل دعاء تشهٍ ورغبةٍ في حصول المأمول بأي وجه ، حتى لو كان حصوله شراً فإنه يسأل الله أن يجعله خيراً !! .
وهذا إصرارٌ من العبد أن يحصل له ما يريد ، وهو خلاف كمال التفويض وتسليم الأمر لله تعالى.
– أن الداعي بمثل هذا يغيب عنه معنى قوله تعالى : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/ 216.
– الدعاء يرد القضاء إذا كان في رده تحقيق الخير ودفع المكروه والشر ، وحديث (لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ) : لا يعني أن الدعاء يقلب الشر خيراً ، بل معناه أن الدعاء سبب من أسباب دفع البلاء بعد انعقاد أسبابه ، وينظر جواب السؤال : (112094) .
وقد عرضنا هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فقال :
" هذا الدعاء فيه عدول عن مقتضى الشرع في دعاء الاستخارة ، وإيثار لهواه ورأيه ، وإصرار على الأمر الذي يريده ، وترك التفويض إلى الله ، ولذلك فهو من الاعتداء في الدعاء ". انتهى
وينظر للفائدة السؤال رقم : (220639) ، والسؤال رقم : (105366)
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android