تنزيل
0 / 0

حكم الإقامة في الفنادق التي توجد بها منكرات

السؤال: 225249

لو سافرت بعائلتي لبلدة لأسكن في فندق فيها من باب الاستجمام والترويح ، وهذا الفندق لم أر فيه خمور، إلا أنهم يضعون موسيقى في صالة استقبال الفندق ، وفي صالة الاستقبال كذلك آلة طرب ، وعلمت في زيارتي الأخيرة أن عندهم قاعات للأعراس وأعياد الميلاد ، ما حكم إقامتي في هذا الفندق ، وهل سفري للسكن فيه ولمراجعة طبيب يعد سفر معصية لا يحل لي فيه الترخص برخصة السفر؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الموسيقى وآلات الطرب من المنكرات ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (5000)
، ووجود الموسيقى وقاعات الاحتفالات التي يرتكب فيها المعاصي في مكانٍ ما : منكر
يجب إنكاره ، وأقل درجات إنكار المنكر هو الإنكار بالقلب ، والإنكار بالقلب عمل
يشمل بغض المنكر في الباطن ومفارقة أهله في الظاهر وعدم مجالستهم أو الاجتماع معهم
، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (111959)
.
وعلى هذا ؛ فإن كنت تريد السفر للترفيه والنزهة فعليك أن تختار لإقامتك الفنادق
التي تخلو من هذه المنكرات ، فإن لم تجد غيرها وكان يمكنك الإقامة في هذا الفندق مع
تجنب هذه الأماكن بحيث لا ترى هذه المنكرات ولا تستمع إليها فيظهر في هذه الحالة
جواز ذلك ؛ أخذا مما ذكره أهل العلم رحمهم الله تعالى من جواز حضور الولائم التي
بها منكرات إذا كان الشخص لا يسمع المنكر ولا يراه ، جاء في ” المحرر في الفقه على
مذهب الإمام أحمد بن حنبل ” (2 / 40): ” وإذا علم في الدعوة منكرا كالخمر والزمر
وأمكنه الإنكار حضر وأنكر ، وإلا فلا يحضر ولو حضر فشاهد منكرا أزاله إن قدر وجلس ،
وإلا انصرف ، وإن علم به ولم يره ولم يسمعه فله الجلوس” انتهى .
وفي ” شرح منتهى الإرادات ” (3 / 35) : ” وَإِنْ عَلِمَ بِهِ أَيْ: الْمُنْكَرِ ،
وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ أُبِيحَ الْجُلُوسُ ، وَالْأَكْلُ . نص عليه
الإمام أحمد; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ إذَنْ ، وَلَهُ الِانْصِرَافُ
، فَيُخَيَّر” انتهى.
والورع ترك الإقامة حتى إذا لم ير المنكر ولم يشاهده .
أما إذا وجدت ضرورة أو حاجة كالتي ذكرتها في سؤالك ، من مراجعة طبيب ونحوه ، ولم
توجد إلا هذه الفنادق التي بها هذه المنكرات ، فهنا يجوز لك أن تقيم فيها بشرط أن
تبتعد عن أماكن هذه المنكرات قدر الوسع والطاقة .
فقد نص أهل العلم أن شهود المنكر المنهي عنه هو الشهود لغير حاجة ، قال شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله في ” مجموع الفتاوى ” (28 / 203): ” الْهَجْرُ الشَّرْعِيُّ
نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا بِمَعْنَى التَّرْكِ لِلْمُنْكَرَاتِ ، وَالثَّانِي
بِمَعْنَى الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا ، فَالْأَوَّلُ : هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله
تَعَالَى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ
عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ
الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) .
وقَوْله تَعَالَى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا
مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ) ،
فَهَذَا يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ الْمُنْكَرَاتِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ،
مِثْلَ قَوْمٍ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ يَجْلِسُ عِنْدَهُمْ ، وَقَوْمٌ دُعُوا إلَى
وَلِيمَةٍ فِيهَا خَمْرٌ وَزَمْرٌ : لَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُمْ . وَأَمْثَالَ
ذَلِكَ. بِخِلَافِ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُمْ لِلْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ أَوْ حَضَرَ
بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ” انتهى .
مع التنبيه على أن سفر المعصية الذي يمنع الترخص : هو ما كانت المعصية فيه بالسفر ،
أي كان القصد من السفر هو فعل المعصية ، أما من سافر لغرض مشروع ، وفعل أثناء السفر
بعض المعاصي ، فهذا لا يُمنَع من الترخص .
جاء في ” نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ” (2 / 265): ” الْعَاصِي في سفره هُوَ
مَنْ يَقْصِدُ سَفَرًا مُبَاحًا ، فَتَعْرِضُ لَهُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ ،
فَيَرْتَكِبُهَا : فَلَهُ التَّرَخُّصُ ” انتهى.
والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android