تنزيل
0 / 0
53,98705/12/2014

هل يمكن أن تدعو الفتاة ربها بأن يزوجها بمن تحب في الجنة ؟

السؤال: 225883

هل يمكن أن تدعو الفتاة ربها بأن يزوجها بمن تحب في الجنة ؟ أم إن ذلك من الاعتداء في الدعاء ؟ وهل يمكن أن تظل الفتاة بلا زوج في الجنة إن لم تكن تجد في الزواج متعة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ينبغي أن يكون اهتمام المسلم وعنايته بما ينفعه في الدنيا والآخرة ، فيكون اهتمامه
بمعرفة ماذا أراد الله منه في هذه اللحظة التي يعيشها الآن ليقوم بذلك ، ولا يكون
شغله الشاغل أشياء قد لا ينتفع بها .
ولمزيد الفائدة حول ما ينبغي للمسلم أن يهتم به يراجع السؤال رقم : (218912)
.

وحاصل ذلك كله : أن على
المسلم أن يكون اهتمامه بما يزحزحه عن النار ويدخله الجنة ، قال الله تعالى : (
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران / 185 .
وعلى هذا ينبغي أن يكون قلقه ، لا أن يقلق على ما سيكون له في الجنة ، وإنما همه
الأول : كيف له أن يزحزح عن النار ، ويدخل الجنة ؟!
ففي سورة الأنبياء بعد أن ذكر الله تعالى جملة من الأنبياء قال : ( إِنَّهُمْ
كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا
لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء/90.
أي : رغبا فيما عند الله من الخير ، ورهبا مما عند الله من العذاب في الدنيا
والآخرة ، وأعظم الخير دخول الجنة ، وأعظم العذاب عذاب النار .
وقال الله تعالى : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ
هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ، وَالَّذِينَ
يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا
اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ، إِنَّهَا
سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) الفرقان / 63 – 66 .
وقال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ
قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ
فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ
أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا
مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا
فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ
الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) آل عمران/190-194.
ولما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه عما يدعو به في صلاته فقال : (
أَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ
، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ) رواه أبو داود (972) ،
وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
والمقصود : أن دعاءنا في النهاية يرجع إلى مقصود واحد وإن اختلفت ألفاظه .
فهكذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، كان يدور حول دخول الجنة
والنجاة من النار ، فإنه متى أدرك ذلك : فقد قرت عينه ، ونعم نعيما لا شقاء فيه
بوجه ، ولا تنغيص فيه بوجه ، ولا هم ، ولا نصب ، ولا حزن ، ولا أذى … ؛ فبهذا ،
فليكن شغله ، وإلا فلا !!

ولم يكن من دعاء الصالحين
قبلنا : الاشتغال بتفصيل النعيم الذي ينتظرهم في الجنة ، أو بتفصيل العذاب الذي
يسألون الله أن ينجيهم منه ، بل كانوا يعتبرون التشقيق والتفصيل في ذلك نوعا من
الاعتداء في الدعاء ، ولذلك لما سمع سعد بن معاذ رضي الله عنه ابنه يدعو قائلا :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَعِيمَهَا وَبَهْجَتَهَا ، وَكَذَا
وَكَذَا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَسَلاَسِلِهَا وَأَغْلاَلِهَا ، وَكَذَا
وَكَذَا ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاء )
فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ، إِنْ أُعْطِيتَ الْجَنَّةَ أُعْطِيتَهَا وَمَا
فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ ، وَإِنْ أُعِذْتَ مِنَ النَّارِ أُعِذْتَ مِنْهَا وَمَا
فِيهَا مِنَ الشَّرِّ . رواه أبو داود ( 1480 ) ، وصححه الألباني ” صحيح سنن أبي
داود ” ( 1480 ) .

فيكفي المسلم أن يسأل الله
الجنة ويستعيذ به من النار ، ثم إذا دخل الجنة فله فيها ما يرضيه وزيادة من النعيم
.
روى مسلم (181) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يَقُولُ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ :
أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ، أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ ، وَتُنَجِّنَا مِنْ
النَّارِ ، قَالَ : فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ
إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ) .
يعني أن أهل الجنة متى بلغوا منتهى ما يعلمون من النعيم ، تفضل الله عليهم ،
فأعطاهم أعلى نعيم الجنة ، وهو رؤيته سبحانه وتعالى والنظر إلى وجهه الكريم ، نسأل
الله تعالى أن نكون من أهلها .

ثانيا :
أما سؤالك : ( وهل يمكن أن تظل الفتاة بلا زوج في الجنة إن لم تكن تجد في الزواج
متعة ؟ )
فيقال فيه ما سبق : أن المسلم ينبغي أن ينشغل بدخول الجنة والنجاة من النار ، فإذا
دخل الجنة فله فيها من أنواع النعيم ما يرضيه وزيادة .
وقد روى مسلم ( 2834 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : ( وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ ) .
فالزواج من أنواع النعيم الذي سيتنعم به جميع أهل الجنة .
وقد لا تجد المرأة رغبة في الزواج في الدنيا ؛ فهذا شعور في الدنيا ، ولا تقاس
مشاعر أهل الجنة بمشاعر أهل الدنيا .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android