0 / 0

يغيب عنها زوجها أربعة أشهر ، وتستوحش من البقاء في البيت وحدها

السؤال: 226237

أنا فتاة عمري 21 سنة ، متزوجة منذ 3 سنوات ولدي طفل من رجل موظف لدى الدولة ، وهو يعيش بعيدا عني بحكم عمله ، يأتي كل أربعة أشهر ولا يقضي معي سوى 20 يوما ،
مشكلتي مع زوجي منذ أن تزوجنا وأنا أقيم في منزل والدي حتى الآونة الأخيرة انتقلنا إلى منزل والديه المهجور ، لا يقيم فيه أحد ، والمشكلة تكمن في إصراره أن أعيش لوحدي أنا وطفلي في منزل والديه ، ذاك ما فعلت ، ولكن لم أقدر أن أعيش لوحدي لذا اضطررت أن أذهب إلى منزل والدي إلى حين عودة زوجي ، فأنا مضطرة ألا أخبره بهذا ؛ لأنه إن علم ، فسوف نقع في مشادات ومشاكل كثيرة ، وقد نصل إلى الفراق – الله يحفظ – .
سؤالي : هل في عدم إخبار زوجي بهذا الأمر إثم عليّ ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا علمت المرأة عدم رضى زوجها بسكناها في بيت أهلها ، فيجب عليها طاعة زوجها ولزوم بيته ، وألا تخرج إلى أهلها إلا بإذنه ، دليل ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها ) ، ونقل ابن حجر عن النووي قوله : ” اسْتُدل به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ” .
انتهى من ” فتح الباري ” (2/347) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه ، سواء أمرها أبوها ، أو أمها ، أو غير أبويها ، باتفاق الأئمة ” انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” (3/148) .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة : ” لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه ، لا لوالديها ، ولا لغيرهم ؛ لأن ذلك من حقوقه عليها ، إلا إذا كان هناك مسوغ شرعي يضطرها للخروج ” .
انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (19/165) .
وقال الإمام أحمد بن حنبل في امرأة لها زوج وأم مريضة : ” طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها ” انتهى من ” المغني ” (7/295) .
ويرجى مراجعة السؤال رقم (83360) .
ثانيا :
من حقوق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مناسبا غير موحش ، تأمن فيه على نفسها وولدها ومالها .
وإذا كان المسكن موحشا تتضرر المرأة بالمبيت فيه وحدها ، فيجب على الزوج أن يسعى في رفع هذا الضرر عن امرأته ، بأن ينقلها إلى مسكن تطمئن فيه ، أو يأتي لها بمؤنسة تبيت معها ، كما نص عليه جمع من أهل العلم ؛ لأن إلزام المرأة بالبقاء في البيت وحدها مع الوحشة الحاصلة إضرار بها ، كما أنه ليس من المعاشرة بالمعروف ، وقد قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/ من الآية 19 .
قال في “شرح منتهى الإرادات ” (3/288) : ” وَيَلْزَمُهُ لِزَوْجَتِهِ مُؤْنِسَةٌ لِحَاجَةٍ ، كَخَوْفِ مَكَانِهَا، وَعَدُوٍّ تَخَافُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْهُ ، ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ إقَامَتُهَا بِمَكَانٍ لَا تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا ” انتهى ، وينظر أيضا ” حاشية ابن عابدين ” (3/602) .
وفي ” فتاوى الشيخ ابن باز ” (3/229) : ” ويقوم بما يلزم لها من النفقة ، وإيجاد مؤنسة إذا كانت لا تستطيع البقاء في البيت وحدها ، والواجب عليه أن ينصف من نفسه ، وأن يتحرى العدل ويبتعد عن جميع أنواع الضرر ” انتهى ، وينظر ” فتاوى الشيخ ابن إبراهيم ” (10/210).
وفي ” حاشية الروض المربع ” (7/112) عند كلامه عن المؤنسة ، قال : ” والقول قولها في احتياجها لها ” انتهى .
ثانيا :
إذا كانت مطالبة المرأة زوجها بمؤنسة أو نقلها إلى بيت آخر ، سيؤدي إلى مفسدة كما ذكرت السائلة ، فلها أن ترفع ضرر الوحشة عن نفسها من دون إذنه ، ولا يلزمها إخباره .
وسقوط الاستئذان عن صاحب الحق – إن كان الاستئذان يفوّت حقه – له أصل في الشريعة ، ودليله ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من إباحته لهند امرأة أبي سفيان أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف ، من غير استئذان ، حين شكت إليه شح أبي سفيان وتقصيره في النفقة عليها وعلى ولدها .
ينظر جواب السؤال رقم : (150250) .
قال ابن رجب في مسألة إطعام المضطر :
” الطعام الذي يضطر إليه غيره : فإنه يلزمه بذله له بقيمته ، فإن أبى فللمضطر أخذه قهرا ؛ وإنما سقط اعتبار الإذن في هذه الصور : لأن اعتباره يؤدي إلى مشقة وحرج ، وربما أدى إلى فوات الحق بالكلية ” انتهى من ” القواعد الفقهية ” (ص32) .
فإذا كان اعتبار الاستئذان في مثل حال السائلة قد يؤدي إلى فوات الحق بالكلية فيما لو ازداد إصرارا عليها لتمكث في بيت والديه طيلة مدة غيابه ، مع طولها وما فيه من ضرر عليها ، أو حصول مفسدةٍ كالطلاق وتشتت الشمل ، ومعلوم أن الشريعة جاءت برفع الضرر فلا شك أن تقليل المفاسد أولى ، وتحصيل ما يمكن من المصالح مقدم ؛ فرخص لها في إزالة الوحشة عنها ، بالإقامة في بيت والديها ، مع توقي ما تخاف من ضرر فساد ذات البين مع زوجها .
ويحسن التنبيه هنا إلى أن هذا الجواز مشروط بما لو كان في بقائها ضرر أو وحشة ، أما إن كانت تريد بيت أهلها طلبا لزيادة الأنس ، أو أنها تضعف عن تعويد نفسها لزوم بيت الزوجية – كما هو الحال في كثير من نساء اليوم – فإنه لا يجوز لها الخروج إلا بإذن زوجها كما ذكرنا في بداية الجواب .
على أن الواجب أن تسعى مع زوجها لحل هذه المشكلة ، فإذا كانت ظروف عمله لا تسمح له بأن يصطحبها معها ، لتقيم قريبا منه ؛ فلا أقل من أن يسكنها في مكان عامر ، تأمن فيه على نفسها وبيتها ، أو يأذن لها في أن تسكن مع أهلها ، أو ينتقل إليها بعض محارمها ، ليؤنسها في منزل الزوج فترة غيابه ، كما تفعله كثير من النساء .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android