هل يشرع تكرار إلقاء السلام إذا كان الافتراق والالتقاء يتكرر كثيرا ؟
السؤال: 226673
نعمل في أحد المطاعم حيث يُقدم الطعام السفري الحلال طوال اليوم ، ويذهب سائقو شاحنات التوزيع ويأتون بين الحين والآخر على فترات قصيرة ، فهل من الضروري إلقاء التحية ، أي التسليم ، في كل مرة يأتون فيها إلينا ؟ إنهم إن فعلوا ذلك فلربما وصلوا بها إلى 200 مرة خلال ساعات الدوام الثمان .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
إفشاء السلام وبذله للمسلمين من السنن المؤكدة ، ومن شعائر الإسلام الظاهرة ، وهو
مفتاح المودة والألفة بين المسلمين .
ينظر السؤال رقم : (128338) .
ثانيا :
ابتداء السلام سنة مؤكدة ، ورده واجب بالإجماع .
قال النووي رحمه الله :
” اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ليس بواجب ، وهو سنة على الكفاية ، فإن كان
المسلم جماعة كفى عنهم تسليم واحد منهم ، ولو سلموا كلهم كان أفضل … وأما رد
السلام : فإن كان المسلم عليه واحدا تعين عليه الرد ، وإن كانوا جماعة كان رد
السلام فرض كفاية عليهم ، فإن رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين ، وإن تركوه كلهم
أثموا كلهم ، وإن ردوا كلهم فهو النهاية في الكمال والفضيلة ، كذا قاله أصحابنا ،
وهو ظاهر حسن ” انتهى من ” الأذكار ” (ص 246) .
ثالثا :
إذا التقى المسلمان : سلم أحدهما على صاحبه ، فإن افترقا ثم تلاقيا مرة أخرى – ولو
عن قرب – فإن الأفضل أن يسلم أحدهما على الآخر ، ولو تكرر ذلك مرارا .
قال النووي رحمه الله :
” إذا سلّم عليه إنسان ثم لقيه على قرب ، يُسنّ له أن يُسلِّم عليه ثانياً وثالثاً
وأكثر ، اتفق عليه صحابنا .
ويدل عليه ما رويناه في صحيحي البخاري (757) ، ومسلم (397) عن أبي هُريرة رضي الله
عنه في حديث المسيء صلاته : أنه جاء فصلَّى ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فسلَّم عليه ، فردّ عليه السلام ، وقال : ( ارْجِعْ فَصَلّ فإنَّكَ لَمْ تُصَلّ ) ،
فرجعَ فَصلَّى ، ثم جاء فسلَّم على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، حتى فعلَ ذلك
ثَلاثَ مَرَّاتٍ .
وروينا في سنن أبي داود (5200) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : ( إِذَا لَقِيَ أحَدُكُمْ أخاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فإنْ
حالَتْ بَيْنَهُما شَجَرَة أوْ جِدَارٌ أوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ
عَلَيْهِ ) ، وصححه الألباني في ” صحيح سنن أبي داود ” .
وروينا في كتاب ابن السني
(245) عن أنس رضي الله عنه قال : ” كانَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم
يتماشَون ، فإذا استقبلتهم شجرة أو أكَمة فتفرّقوا يميناً وشمالاً ثم التقوا من
ورائها ، سلَّم بعضُهم على بعضٍ ” ” انتهى من ” الأذكار” (ص 249) .
وينظر أيضا : ” رياض
الصالحين ” (258) ، ” مرقاة المفاتيح ” (7/2946) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
” الإنسان إذا سلم على أخيه ، ثم خرج ورجع ، عن قرب أو عن بعد ، من باب أولى = فإنه
يعيد السلام ، مثلا إنسان عنده ضيوف في البيت ، فدخل إلى البيت يأتي لهم بماء أو
طعام أو نحو ذلك ، فإنه إذا رجع يسلم ، وهذه من نعمة الله ، أنه يسن السلام وتكراره
كلما غاب الإنسان عن أخيه ، سواء غيبة طويلة أو قصيرة ، فإن الله شرع لنا أن يسلم
بعضنا على بعض ، لأن السلام عبادة وأجر ، كلما ازددنا منه ازددنا عبادة لله ،
وازداد أجرنا وثوابنا عند الله ..” .
انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” (4/411-412) .
وخلاصة الجواب : أنه ينبغي
لهؤلاء أن يسلموا عليكم كلما أتوا ، فإن رد منكم واحد كفى ، والافضل أن تردوا جميعا
، فهذا هو الأفضل والأحسن لكم ولهم ، تحصيلا للثواب وامتثالا لأمر النبي صلى الله
عليه وسلم بإفشاء السلام .
لكن هذا التكرار هو من
الأمور المندوبة ، وليست من الواجبات ، فلو اكتفى بالسلام أول مرة ، فقد أتى بأصل
السنة ، ولا حرج عليه إن شاء الله ، لا سيما إن كان من يلقي عليه السلام في شغل
ذهني ، يعطله عنه تكرار السلام في مثل الصورة المذكورة .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة