ماحكم قول الله يعرف ؟
هل يجوز وصف الله تعالى بالمعرفة ؟
السؤال: 226710
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ، لا نتجاوز فيها القرآن والحديث ، ولا مجال فيها للرأي والاجتهاد ، راجع إجابة السؤال رقم : (158831) ، والسؤال رقم : (204924) .
وقد وصف الله سبحانه نفسه بالعلم ، ولم يصف نفسه بالمعرفة ، فنصفه بالعلم ، ولا نصفه بالمعرفة ، قال المرداوي رحمه الله في “التحبير” (1/ 237): ” لا يوصف سبحانه وتعالى بأنه عارف؛ لأن المعرفة قد تكون علماً مستحدثاً، والله تعالى محيط علمه بجميع الأشياء على حقائقها على ما هي عليه ، وهو صفة من صفاته ، وهو قديم ، وحكي إجماعاً. قال ابن حمدان في ” نهاية المبتدئين ” : ” علم الله تعالى لا يسمى معرفة، حكاه القاضي إجماعاً ” .
وانظر: “الشرح الكبير لمختصر الأصول” (ص 61) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الله لا يوصف بأنه عارف ؛ لأن المعرفة انكشاف بعد لبس وعلم مستحدث ، فلو قلنا إن الله عارف ، لأوهم أن الأمور تخفى عليه ثم يعرفها، أو لا يعلم بعض الشيء ويحدث له العلم بعد ذلك ” انتهى .
http://audio.islamweb.net/audio/Fulltxt.php?audioid=316783
ثانيا :
باب الإخبار عن الله تعالى أوسع من باب الأسماء والصفات ، قال ابن القيم رحمه الله : ” ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى ، أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته ؛ كالشيء ، والموجود ، والقائم بنفسه ، فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا “
انتهى من “بدائع الفوائد ” (1/161).
والإخبار عنه سبحانه يكون بحسب الحاجة ، وما يقتضيه المقام . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَأَمَّا الْإِخْبَارُ عَنْهُ فَهُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ ؛ فَإِذَا احْتِيجَ فِي تَفْهِيمِ الْغَيْرِ الْمُرَادَ ، إِلَى أَنْ يُتَرْجَمَ أَسْمَاؤُهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، أَوْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِاسْمٍ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُحَرَّمًا ” .
انتهى من “الجواب الصحيح” (5/ 8) .
وعلى ذلك :
فلا يظهر لنا حرج في أن نخبر عن الله سبحانه بأنه : يدري ، أو يعرف ؛ وإن كان الله جل جلاله لا يسمى بـ”الداري” ، أو “العارف” .
روى أحمد (21438) عَنْ أَبِي ذَرٍّ: ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ، فَقَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ؟ ) ،قَالَ: لَا ، قَالَ: “( لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي ، وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا ) ، وحسنه محققو المسند .
وروى ابن أبي شيبة (19356) عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عَوْفٍ الْأَحْمَسِيِّ قَالَ : ” كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنِ النَّاسِ فَقَالَ: أُصِيبَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وآخَرُونَ لَا أَعْرِفُهُمْ . فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنَّ اللَّهَ يَعْرِفُهُمْ ” وصححه الألباني في “الصحيحة” (6/ 788) .
وقال الشيخ صالح آل الشيخ :
” ودراية الله جل وعلا بـ ( فيم ينتطح الكبشان أو العنزان ) يعني : علمه سبحانه وتعالى بذلك . ومعلوم أن باب الإخبار أوسع من باب الوصف ، فإن لفظ أو صفة ( الدراية ) لا يوصف الله جل وعلا بها، لكن يطلق على الله جل وعلا من جهة الإخبار أنه سبحانه وتعالى يدري بهذا الشيء، لأنها من فروع العلم .
فهناك صفات لها جنس ، فالعلم جنس تحته صفات ، فجنس ما هو ثابت ، يجوز إطلاقه على الله جل وعلا من جهة الخبر ” انتهى من “كتب صالح آل الشيخ” (36 /7) .
ثالثا :
أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( تَعَرَّفْ إِلَى الله فِي الرَّخَاءِ ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ) رواه أحمد (2803) وصححه محققو المسند .
فهذه معرفة خاصة ، ليست هي المعرفة التي هي بمعنى العلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” يعني قم بحق الله عزّ وجل في حال الرخاء ، وفي حال الصحة ، وفي حال الغنى ؛ يَعرِفكَ في الشّدةِ، إذا زالت عنك الصحة ، وزال عنك الغنى ، واشتدت حاجتك : عرفك بما سبق لك ، أو بما سبق فعل الخير الذي تعرفت به إلى الله عزّ وجل ” .
انتهى من “شرح الأربعين النووية” (ص 202) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة