0 / 0

الأسباب التي تجعل من الموت والقبر ويوم القيامة محطات بهجة وسعادة

السؤال: 226781

ما هي الأسباب والعوامل التي تجعل من الموت والقبر ويوم القيامة محطات بهجة وسعادة للمسلم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الموت والقبر ويوم القيامة ، ثلاث محطات عصيبة ، مخيفة رهيبة ، فالموت موعد انقطاع العمل ، والقبر أول منازل الآخرة ، ويوم القيامة هو يوم الأهوال والحساب وليس بعده إلا جنة نعيمها دائم ، أو نار حرها شديد .
فمن أحسن الاستعداد لذلك ، بالإيمان والعمل الصالح ، وأعد العدة لذلك فهو الكيّس العاقل .
فهو عند المحطة الأولى وهي الموت : يبشر بلقاء الله فيحب لقاء الله ويحب الله لقاءه ، كما روى البخاري (6507) ، ومسلم (2683) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ) ، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ ؟ قَالَ ( لَيْسَ ذَاكِ ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ ، وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ ، بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ ؛ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ ، وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ) .

وقبل أن يصل العبد الصالح إلى قبره ، فإنه يطالب حملة نعشه بالتعجيل والإسراع به إلى قبره ، كما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ ؛ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ : قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ ، قَالَتْ : يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا ، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ ، وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ لَصَعِقَ ) رواه البخاري (1314) .

فإن وصل المحطة الثانية ، وهي القبر : جاءه عمله الصالح فآنسه ، وفُسح له في قبره ، ومُدّ له فيه ، وفُتح له باب إلى الجنة ، فيأتيه من ريحها وعبيرها ، كما جاء في حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الطَّوِيلِ ، وفيه بعد أن يجيب المؤمن على الأسئلة الثلاثة : ( فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ . قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ، قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ ، فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ؟ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي … ) الحديث رواه أحمد (17803) وأبو داود (4753) وصححه الألباني في “أحكام الجنائز” ( ص 156 ) .

ثم إذا وصل المحطة الثالثة ، ونفخ في الصور ، وخرج الناس أشتاتا فزعين ، ودنت منهم الشمس ، وأصابهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فإن المؤمن الذي عمل الصالحات يبعث آمنا ، وتتلقاه الملائكة تبشره ، ويكون في ظل عرش الرحمن ، ويسقى من حوض الكوثر شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبدا ، ويحاسب حسابا يسيرا ، ثم يصير إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، مصداقَ قوله تعالى : ( لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) سورة الأنبياء /103 .

ثانيا :
السبب الجامع الذي يجعل من الموت والقبر ويوم القيامة محطات بهجة وسعادة للمؤمن ، هو الإيمان بالله والعمل الصالح ، كما قال تعالى : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) سورة النحل /28 ، وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) سورة المائدة /69 ، وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) سورة الأنبياء /103 .

وبقدر ما يقوم بقلب المسلم من الإيمان بالله ، وما تقوم به جوارحه من العمل الصالح ، يكون له من الأمن والسعادة والبهجة في الحياة الآخرة .

ولا حصر لذلك في شيء دون شيء ؛ فكل ما ورد في الكتاب والسنة من المسارعة في الخيرات ، والمداومة على العمل الصالح ، وصنائع المعروف ، ومسابقة أهل الخير والصلاح : فهو مما يقرب إلى الله ، ويزيد المؤمن بهجة في الدنيا والآخرة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android