منذ14 عاما تقدم لى ولشقيقتى التوأم شقيقان للزواج ، كان شرط أبيهم أن يكونا أختين ، وقد جاءا إلى بيتنا بناءً على سيرتنا المهذبة الطيبة ، وكان أبوهم يشترط أيضا عليهما أن نعيش جميعا نحن الأربعة معا فى منزل واحد ، وأن يتم كل شىء معا ؛ من أكل وشراب ، أما فى النوم فكل واحدة منا لديها غرفة بالحمام التابع لها ، ونظرا لصغر سننا وافقنا غير مدركين لما بعد ذلك ، أنجبت ثلاثة أولاد ، وأختي ولدين وبنت ، ومات أبينا وأمنا ، وحان الوقت لدخول الأولاد إلى المدرسة فانتقلنا من قريتنا إلى شقة صغيرة فى بلدة مجاورة ، وزاد الوضع صعوبة من القليل من الخصوصية إلى اللا خصوصية تماما فى كل شىء نزاوله فى حياتنا ، ولقد طالبناهم كثيرا جدا أنا وهى بعدم جواز أن تنام معهم ابنتها ذات الـ 6 أعوام ، وعدم جواز أن ينام معى ابنى الصغير ذو الـ 5 أعوام بالرغم من أنهم يملكون الكثير من الأراضى الزراعية إلا أنهم يقولون لنا : لا نريد الفراق ، وأنا أخاف الله كثيرا ، ولا أريد أن أغضبه ، بالإضافة أنهم بخلاء جدا جدا لا ينفقون علينا إلا فى الأكل فقط ، أما الملابس فهذه غير معترف بها إلا فى أضيق الحدود ، وأهلنا كل واحد فى دنياه ، والمشاكل بينى وبين أختى بسبب كل شىء أو على لا شىء ، ونحن نجلس فى شقتنا بشعرنا ، ولكن نرتدى عباءة طويلة محتشمة هم لا يعترفون بأن لنا حقوقا ، مع العلم أنهم مروا بضائقة مالية بعد الزواج بـ 3 سنوات ، وعرضنا عليهم ذهب شبكتنا ، وإلى الآن لم يعيدوه لنا ، ويقولون لنا : لم تأتوا به من بيت أبيكم لتسترجعوه منا ، نرجو منكم الإفادة في حل هذه الإشكالية .
من حقوق المرأة على زوجها الكسوة والمسكن المستقل وتوفية المهر
السؤال: 227680
ملخص الجواب
والحاصل : أن هذه الصورة للمعيشة والإقامة في شقة واحدة : هي صورة غير شرعية ، ولو كانوا قد بينوها واشترطوها من أول الأمر ، فمثل هذا شرط باطل ، ليس في كتاب الله ، لا سيما وقد تمت النقلة من المسكن الأول الذي حصل فيه الزواج ، والمعيشة أول الأمر ، إلى ما هو أصغر ، وأسوأ حالا منه . والواجب أن تحاولي أنت وأختك التفاهم مع الزوجين ، وبيان الحكم الشرعي لهما في هذا الوضع ، وأن تسعي إلى حث زوجك على احترام الوضع الأسري المستقيم ، المتوافق مع حكم الشرع وأدبه . ولا بأس أن توسطي بعض الناصحين ، من أهلك ، وأقربائك ، لحل هذه المشكلة . وإلى أن يتم ذلك ، فاجتهدي أنت في عمل ما تقدرين عليه ، فغطي شعرك ، عند وجود أخي زوجك ، ولا تجلسي معه في خلوة ؛ وقد قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16 . والله أعلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إسكان الزوجة في المسكن المستقل المناسب لحالها وحال زوجها : هو من حقوقها على زوجها ؛ قال تعالى : ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) الطلاق/6 .
وليس للزوج أن يسكنها في مسكن مشترك مع أهله ، سواء أكانت والدته ، أو إخوته أو أخواته ، أو غير ذلك من أقربائه ، بل الواجب أن يجعل لها مسكنا مستقلا بها عن غيرها ، بحيث يحوي المكان المناسب لإقامتها ونومها ، ومرافقه الأساسية من المطبخ والحمام ونحو ذلك , وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (167997) ، والفتوى رقم : (7653).
وما تعيشون فيه من حياة مشتركة بينكم – كما وصفت – أمر محرم لا يجوز ، لما يتضمنه من الاختلاط المحرم ، وكشف العورات ، وربما الخلوة ، وغير ذلك مما يغضب الله تعالى ويسخطه .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخلوة بالنساء والدخول عليهن بوجه عام ، وأكد التحذير من أقارب الزوج ، لأنهم يتمكنون من الخلوة بالمرأة ويتاح في حقهم من أسباب المنكر والفاحشة ما لا يتاح لغيرهم .
فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ( إياكم والدخول على النساء ) ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ، أفرأيت الحمو ؟ قال : ( الحمو الموت) ” رواه البخاري ( 4934 ) ، ومسلم ( 2172 ) .
والحمو : هو قريب الزوج ، ومن الملاحظ : أن الصحابي أراد أن يستثني قريب الزوج من الحكم ، فجاء التشديد من جهته ، لأن دخوله البيت لا يُستغرب .
قال النووي رحمه الله : “وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (الحمو الموت) : فمعناه : أن الخوف منه أكثر من غيره , والشر يتوقع منه , والفتنة أكثر ، لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة ، من غير أن ينكر عليه , بخلاف الأجنبي ، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته ، تجوز لهم الخلوة بها , ولا يوصفون بالموت , وإنما المراد الأخ , وابن الأخ , والعم , وابنه , ونحوهم ممن ليس بمحرم ، وعادة الناس المساهلة فيه , ويخلو بامرأة أخيه , فهذا هو الموت , وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه ، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث …” انتهى من ” شرح مسلم ” (14 / 154 ) .
ثانيا:
من حق المرأة على زوجها أن يكسوها ، فعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال : ” قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : ( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ ، وَلَا تُقَبِّحْ ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) ” رواه أبو داود (2142) ، وقال : ( ولا تُقَبِّحْ ): أن تقول : (قبحك الله) ” ،وصححه الألباني في ” إرواء الغليل” (2033) .
فهذا الحديث يدل على أن النفقة حق واجب من حقوق الزوجة ، والواجب في هذه النفقة تحقيق كفاية الزوجة من الطعام والشراب والكساء .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الحديث : ” يعني : لا تخص نفسك بالكسوة دونها ، ولا بالطعام دونها ، بل هي شريكة لك ، يجب عليك أن تنفق عليها كما تنفق على نفسك ، حتى إن كثيرا من العلماء يقول : إذا لم ينفق الرجل على زوجته ، وطالبت بالفسخ عند القاضي ، فللقاضي أن يفسخ النكاح ؛ لأنه قصَّر بحقها الواجب لها” .
انتهى من “شرح رياض الصالحين” (3/131).
وقال ابن قدامة في “المغني” (8 / 199): ” وَتَجِبُ عَلَيْهِ كِسْوَتُهَا، بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ …. وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِكِفَايَتِهَا، وَلَيْسَتْ مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ … وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ، فَيَفْرِضُ لَهَا عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهَا، عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِمَا وَعُسْرِهِمَا، وَمَا جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهِمَا بِهِ ، مِنْ الْكِسْوَةِ … فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ [يعني : الغنية] تَحْتَ الْمُوسِرِ مِنْ أَرْفَعَ ثِيَابِ الْبَلَدِ ، وَلِلْمُعْسِرَةِ تَحْتَ الْمُعْسِرِ، غَلِيظُ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ ، وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ تَحْتَ الْمُتَوَسِّطِ ، مِنْ ذَلِكَ ، وَيَزِيدُ مِنْ عَدَدِ الثِّيَابِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ، مِمَّا لَا غِنَى عَنْهُ ، دُونَ مَا لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ ” انتهى .
ثالثا :
الشبكة التي تقدم للمرأة هي جزء من المهر, والمهر حق خالص للمرأة ، جعله الله تعالى لها ، وأمر الأزواج بدفعه إلى أزواجهن ، فقال تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا )النساء/ 4 , وعليه فإن ما أخذه زوجك منك من شبكة ، وباعها في حاجته : فإنها دين عليه ، يجب عليه أن يوفيه لك.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة