0 / 0

أصابته بعض المصائب فأشير عليه بأنها عين وعليه تغيير مسكنه

السؤال: 228130

أسكن في نفس البيت منذ أن كنت صغيراً ، وقد كبرتُ فيه وتزوجت وأصبح عندي طفلين ، ثم فجأة وخلال الأعوام القليلة الماضية تقلبت الأحوال ، ومرضت زوجتي مرضاً عضالاً سيستمر معها بقية حياتها، وطفلي الثاني ظهر عليه ضعف ملحوظ ، وتدهورت حالتي المادية ، ودخلت القلاقل إلى عملي ، وغيرها من المشاكل التي يضيق المقام عن حصرها ، فأشار عليّ بعض الأصدقاء والأقارب أن أنتقل من البيت الذي أنا فيه ؛ لأنه ربما أصيب بعين فتسببت لي بكل هذه المشاكل، فهل يُعقل هذا ؟ وهل الانتقال من البيت كفيل بحلها ؟ أرجو الإفادة على ضوء الكتاب والسنة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الإصابة بالعين حق ، وهذا اعتقاد أهل السنة والجماعة لما صحّ من الأحاديث النبوية في إثباتها.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( العَيْنُ حَقٌّ ) رواه البخاري (5740) ، ومسلم (2187) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْعَيْنُ حَقٌّ ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا ) رواه مسلم ( 2188 ) .
فما قاله صاحبك من احتمال إصابتكم بعين هو أمر ليس بمستبعد ، لكن لا يلزم منه أن تكون الدار بذاتها مصابة بالعين ، فقد تكون العين أصابت أفراد عائلتك دون الدار .

ثانيا :
قد وضّح الشرع وفصّل كيفية العلاج من العين ، فعليك :
بتعلم الأذكار الشرعية المناسبة للعلاج من العين ، وقراءتها بإخلاص ويقين على المصاب ، ومن ذلك :
عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : ” كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَاهُ جِبْرِيلُ ، قَالَ : ( بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ ) رواه مسلم (2185) .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ : ” أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ ؟ ) ، فَقَالَ : ( نَعَمْ ) ، قَالَ: ( بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللهُ يَشْفِيكَ ، بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ ) ” رواه مسلم (2186) .

وواظب أنت وأهل بيتك على قراءة القرآن ، وعلى قراءة الأذكار الشرعية المسنونة في اليوم والليلة ، ويكفيك ما احتواه كتيب ” حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة ” للشيخ سعيد بن علي القحطاني .

وإذا عُرِف العائن ، فيؤمر بالوضوء ، ويغسل فيه داخل ثيابه مما يلي الجسد ، أو يقوم بالاغتسال في إناء ، ثمّ يصب كل ذلك على المريض .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ” كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ ” رواه أبو داود (3880) ، وصحح إسناده الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” (6 / 61) .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل أصاب آخر بعينه حتى قارب الموت : ( عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ؟ ) ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: ( اغْتَسِلْ لَهُ ) فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ ، فقام الرجل لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ” رواه أحمد في ” المسند ” (25 / 355 – 356) ، وصححه الألباني في ” مشكاة المصابيح ” (4562) .
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم : (146637) ، والفتوى رقم : (11359) .

ثالثا :
مفارقة البيت لمن يظن أنه أصيب بعين ، أمر غير لازم ولا مطلوب ، لكن إذا كان الشخص كثير الابتلاء بالمصائب ، وهو محاط بجيران يظهر الحسد منهم ولا ترتاح نفسه بينهم ، فربما كان الأفضل له في هذه الحالة : أن يغير سكنه ـ إذا استطاع ذلك ـ حتى ترتاح نفسه وتذهب وساوسه .
ومما يستأنس به في هذا حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : ” قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا ، وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا ، فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى ، فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا ، وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ذَرُوهَا ذَمِيمَةً ) ” رواه أبوداود (3924) ، وحسنه الألباني في ” السلسة الصحيحة ” (790) .
فأذن لهم صلى الله عليه وسلم بالانتقال من البيت ، استعجالا للراحة ومفارقة للمكان الذي يستثقلونه .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
” وإنما أمرهم صلى الله عليه وسلّم بالتحول عنها ، عندما وقع في قلوبهم منها ، لمصلحتين ومنفعتين :
إحداهما : مفارقتهم لمكان هم له مستثقلون ، ومنه مستوحشون ، لما لحقهم فيه ونالهم عنده ، ليتعجلوا الراحة مما داخلهم من الجزع في ذلك المكان ، والحزن والهلع ، لأن الله عز وجل قد جعل في غرائز الناس وتركيبهم : استثقال ما نالهم الشر فيه ، وإن كان لا سبب له في ذلك ، وحب ما جرى لهم على يديه الخير ، وإن لم يُرِدْهم به .
فأمرهم بالتحول مما كرهوه ؛ لأن الله عز وجل بعثه رحمة ولم يبعثه عذابا ، وأرسله ميسرا ولم يرسله معسرا ، فكيف يأمرهم بالمقام في مكان قد أحزنهم المقام به ، واستوحشوا عنده لكثرة من فقدوه فيه ، لغير منفعته ، ولا طاعة ، ولا مزيد تقوى وهدى ؟! … ” .
انتهى من ” مفتاح دار السعادة ” (3 / 1557) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android