0 / 0

هل يجوز للبنت وضع شرط طلاقها إن لم يلحقها زوجها به خلال شهور؟

السؤال: 228268

تقدم لي رجل في بلد آخر وهو لا يستطيع إدخالي للبلد الذي يعيش فيه حتى يكون هناك عقد بيننا ليتم بناء عليه طلب التحاقي به كزوجة ، ولكن أهلي متخوفين من أن يعقد علي ثم لا يقدر أو يتهاون في إلحاقي به ، فهل يجوز وضع شرط بالعقد أني أكون طالقة إن لم يلحقني به خلال شهور معينة ؟ إن وافق على كتابة هذا الشرط هل يعتبر الطلاق ماضيا بمجرد مرور المدة المعينة دون إلحاقي به ؟ أم أنه يقدر أن يقول بأنه كطلاق المجبر ؛ لأنه ليس هو صاحب الشرط ؟ وأيضا هل يحق لي اشتراط ما يسمى العصمة بيد المرأة ؟ وإن كانت العصمة من الشروط الباطلة بالعقد فهل يجوز وضعها مع شرط الطلاق بعد شهور إن لم التحق به بحيث يكون الطلاق شرعا بشرط الشهور وقانونيا بالعصمة ؟ لأن القانون قد لا يعترف بشرط الشهور بينما يعترف بالعصمة ؟

وهل يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أنها إذا تأخر الزوج في إنهاء إجراءات سفرها إليه أنها تطلق نفسها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يجوز للمرأة أن تشترط عند عقد النكاح : أنه إذا تزوج عليها زوجها ، أو غاب عنها ، أو أضر بها : أنها تطلق نفسها .

قال ابن عبد البر رحمه الله في “الكافي” (2/590) :
“ولو ملكها أمرها عند عقد نكاحها معه : إن تزوج عليها أو غاب عنها أو أخرجها من دارها أو ضربها فتزوج أو فعل شيئا من ذلك فأمْرُها بيدها ولها أن تطلق نفسها” انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
“إذا شرط الزوج للزوجة في العقد ، أو اتفقا قبله : أن لا يخرجها من دارها أو بلدها ، أو لا يتزوج عليها ، أو إن تزوج عليها فلها تطليقها صح الشرط ، وهو مذهب الإمام أحمد” .
انتهى من “الفتاوى الكبرى” (5/461) .
ومعنى (فلها تطليقها) : أن لها أن تطلق نفسها ، كما صرح به في “الإنصاف” .
وينظر : “الإنصاف” للمرداوي (8/155، 158) .

وقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية – رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَشُرِطَ عَلَيْهِ عِنْدَ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا وَلَا يَنْقُلُهَا مِنْ مَنْزِلِهَا. وَكَانَتْ لَهَا ابْنَةٌ فَشُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ أُمِّهَا وَعِنْدَهُ مَا تُزَالُ فَدَخَلَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ: فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ؟ وَإِذَا أَخْلَفَ هَذَا الشَّرْطَ؟ فَهَلْ لِلزَّوْجَةِ الْفَسْخُ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
“الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَعَمْ تَصِحُّ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فِي: مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ: كَعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَمْرِو بْنِ العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وشريح الْقَاضِي وَالْأَوْزَاعِي وَإِسْحَاقَ …
وَمَذْهَبُ مَالِك : إذَا شُرِطَ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا ، أَوْ تَسَرَّى أَنْ يَكُونَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ صَحَّ هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا ، وَمَلَكَتْ الْفُرْقَةُ بِهِ ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى نَحْوُ مَذْهَبِ أَحْمَد فِي ذَلِكَ؛ لِمَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ ..” .
انتهى من “مجموع الفتاوى” (32/164) .
وقال ابن القيم رحمه الله في “إعلام الموقعين” (3/298) :
” إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَخَافَتْ أَنْ يُسَافِرَ عَنْهَا الزَّوْجُ وَيَدَعَهَا أَوْ يُسَافِرَ بِهَا وَلَا تُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ دَارِهَا أَوْ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ يَتَسَرَّى أَوْ يَشْرَبَ الْمُسْكِرَ أَوْ يَضْرِبَهَا مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ أَوْ يَتَبَيَّنَ فَقِيرًا وَقَدْ ظَنَّتْهُ غَنِيًّا أَوْ مَعِيبًا وَقَدْ ظَنَّتْهُ سَلِيمًا أَوْ أُمِّيًّا وَقَدْ ظَنَّتْهُ قَارِئًا أَوْ جَاهِلًا وَقَدْ ظَنَّتْهُ عَالِمًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يُمْكِنُهَا التَّخَلُّصُ، فَالْحِيلَةُ لَهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ، وَتُشْهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ….. وَلَا بَأْسَ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَتَخَلَّصُ بِهَا مِنْ نِكَاحِ مَنْ لَمْ تَرْضَ بِنِكَاحِهِ، وَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ رَفْعِ أَمْرِهَا إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ نِكَاحَهَا بِالْغَيْبَةِ وَالْإِعْسَارِ وَنَحْوِهِمَا ” انتهى .

وبناء على هذا ، فيجوز لك أن تشترطي على زوجك في العقد : أنه إذا لم يلحقك به في مدة محددة ، فإن لك الحق في تطليق نفسك .
ولا يقع الطلاق بمجرد مضي المدة ، ولكن … لابد من إيقاعك له ، فإذا مضت المدة المتفق عليها فلك أن تطلقي نفسك ، ولك أن تصبري ولا تطلقي لعله يتيسر له إلحاقك به فيما بعد ، إذا علمت أنه مجتهد في ذلك ، ورجوت أن يتم لك الأمر ، في مدة لا تضر بك .

فإذا كانت القوانين تسمح بهذا الشرط (وهو أن لها الحق في تطليق نفسها إذا أضر بها الزوج أو خالف ما تم الاتفاق عليه ) فذلك كافٍ للمرأة في حفظ حقوقها ، ولا يجوز لها أن تشترط أن تكون العصمة بيدها .

وإذا كانت القوانين لا تسمح بالشرط الأول ، وتسمح بأن تكون العصمة بيدها فنرجو أن لا يكون عليها حرج في اشتراط ذلك ، لأنه لا طريقة لها في حفظ حقها ودفع الضرر عن نفسها إلا ذلك ، بشرط : أنها لا تستخدم هذا الشرط إلا في الصورة التي تم الاتفاق عليها فقط ، وهي إذا ما تأخر الزوج في إلحاقها به .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android