0 / 0

إذا قذف الرجل زوجته ، فأنكرت ، وحلفت أنها ما فعلت ، فهل يعدّ ذلك لعانا ؟

السؤال: 228699

قال رجل لزوجته أنّ رجلاً أجنبياً رآها عارية ، أو أنها ارتكبت الزنا فأنكرت فطلب منها أن تحلف فأقسمت على ذلك ، فهل يعتبر هذا لعاناً ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا يجوز للزوج قذف زوجته ورميها بالزنا بغير بينة ، فإذا قذفها فطالبت بحقها الشرعي فيلزمه أحد أمرين : إما أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على الزنا ، وإما أن يلاعن زوجته ، فإن لم يفعل واحدا من الأمرين استحق أن يجلد حد القذف ، وحُكم بفسقه ، وردت شهادته ، وحد القذف أن يجلد ثمانين جلدة .
راجع جواب السؤال رقم : (132559) .
ثانيا :
قول الرجل لزوجته : إن أحدا من الناس رآها عارية ليس بقذف ، ولا يوجب لعانا ؛ لأن القذف: هو تعرضٌ للعرض برميه بزنى أو لواط .
ولكنه قول سوء ، إن لم يكن لديه بينة عليه فقد أساء وتعدى وظلم ، ويجب عليه أن يتحلل من زوجته ويستسمحها .
وهذا لو كان كلامه قاصرا على تلك التهمة .
أما وقد صرح لها بأنها “ارتكبت الزنا” ، على ما ورد في السؤال ، فهذا قذف صريح ، وقد سبق الإشارة إلى حكمه في أول الجواب .
ثالثا :
حد القذف حق للمقذوف ، فإن أسقطه : سقط .
قال في “زاد المستقنع”: “وَهُوَ حَقٌّ لِلْمَقْذُوفِ” انتهى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” وبناءً على أنه حق للمقذوف : يسقط بعفوه ، فلو عفا بعد أن قذفه بالزنا فإن حد القذف يسقط ؛ لأنه حق له ، كما لو كان عليه دراهم ، فعفا عنها : فإنها تسقط عنه، ولا يُستوفى بدون طلبه ” انتهى من “الشرح الممتع” (14/284) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَلَا يُحَدُّ الْقَاذف إلَّا بِالطَّلَبِ إجْمَاعًا ” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (5/ 507) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” إذا رماها بالزنا تطالبه بحد القذف ليجلد ثمانين جلدة ، تطلب من المحكمة أن يقام عليه الحد ثمانين جلدة ، إلا أن تعفو وتصفح ويهديه الله ويترك الكلام البذيء فلا بأس ” .
انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (22/ 403) .

رابعا :
ليس مجرد القذف لعانا ، وإنما هو سبب للعان ، وكذا لو قذفها فحلفت أنها بريئة فليس بلعان أيضا .
فاللعان : ما يجري بين الزوجين من الشهادات والأيمان المؤكدة ، إذا رمى الزوج زوجته بالزنا ، ولم تكن له بينة على ذلك ، وأنكرت الزوجة .
أو ادعى الزوج أن ولد زوجته ليس منه ، وأنكرت هي تلك الدعوى ، وليست له بينة على ما رماها به ؛ فإنهما يتلاعنان على الصفة التي ذكر الله عز وجل في قوله : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) النور/ 6 – 9
فهذه الشهادات والأيمان هي اللعان .
وينظر جواب السؤال رقم : (101771) .

خامسا :
لا يوجب القذف الفرقة ، بخلاف اللعان ، فإنه يوجب الفرقة بين الزوجين .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (35/ 260)
” ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ ” انتهى .
فمن قذف زوجته : إما أن يحد ، أو يلاعن ، أو تعفو عنه الزوجة .
فليس القذف لعانا بمجرده .
ولو أنه اتهمها ، فأنكرت وحلفت أنها ما فعلت ، فصدقها ، فذاك أهون من اللعان .

ويجب على الرجل أن يتقي الله في زوجته ، وألا يتهمها في عرضها إلا ببينة ، وقد روى الإمام أحمد (23747) عن جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللهُ ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللهُ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ ، فَالْغَيْرَةُ فِي رِيبَةٍ ، وَأَمَّا الَّتِي يُبْغِضُ اللهُ ، فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ الرِّيبَةِ ) .
وحسنه محققو المسند .
فإن ارتاب في أمرها ، وكره عشرتها ، سرحها سراحا جميلا .
وينظر لفائدة جواب السؤال رقم : (103882) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android