هل يلزم الفتاة أن تخبر من يتقدم لخطبتها أن عندها بقع صغيرة من البهاق في صدرها ؟
هل يجب إخبار الخاطب بوجود بقع البهاق التي في جسد المرأة ؟
السؤال: 228758
ملخص الجواب
إذا كان هذا القدر من البهاق في عرفكم الاجتماعي يعد عيباً ينفر الناس منه فيلزمك بيانه وإخبار الخاطب به ، فهذا خير لك وللخاطب ، وعليك أيتها الأخت بالصبر والتوكل على الله تعالى ، وسيجعل الله بعد عسر يسرا .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
كل صفة جسدية في المرأة أو في الرجل ينفر منها الطرف الآخر عادةً ، ويفوت بسببها كمال الاستمتاع ، وتزيل المودة والرحمة بين الزوج والزوجة عادةً : فهي عيب .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال : (75405) ، (111980) .
وما حكم عليه بأنه عيب ، فإنه يجب أن يظهر عند العقد ولا يخفى حتى لا يكون هناك غش وعدم نصح .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم على البائع كتمان عيب سلعته ، وحرَّم على من علمه أن يكتمه من المشتري ، فكيف بالعيوب في النكاح ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في نكاح معاوية أو أبي الجهم : ( أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ) فعلم أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب " .
انتهى من "زاد المعاد" (5/168–169) .
ثانيا :
نص العلماء على أن البرص عيب يجب بيانه ويوجب الخيار في فسخ النكاح للطرف الثاني إذا كُتم عنه .
وأما البهاق ، فهو يختلف عن البرص .
قال الماوردي رحمه الله تعالى : " البرص : وهو حدوث بياض في الجلد يذهب معه دم الجلد وما تحته من اللحم ، وفيه عدوى إلى النسل والمخالطين ، وتعافه النفوس ، وتنفر منه فلا يكمل معه الاستمتاع …
فأما البهق : فيغير لون الجلد ، ولا يذهب بدمه ، ويزول ، ولا تنفر منه النفوس ، فلا خيار فيه " انتهى من "الحاوي الكبير" (9/342) .
وقال العدوي في "حاشيته" (5/257) بعد أن قرر ثبوت الخيار بالبرص : "وَلَا خِيَارَ بِالْبَهَقِ". انتهى
وذكر النووي في " روضة الطالبين " (7/176) أن البهق لا يلحق بالبرص .
إلا أن واقع الناس اليوم يختلف ، ففي كثير من المجتمعات يعدّ البهاق عيباً ، وينفر الرجل عادة من المرأة المصابة به ، ولو تمّ الزواج دون علم الزوج به ؛ فإنه بعد العلم سيشعر بأنه قد خدع وتعرض للغش ، فربما آذى الزوجة أو عيرها بذلك ، وربما عاش موسوسا خائفا من اتساع هذه البقع الصغيرة وانتشارها في باقي الجسم أو انتقال المرض إلى الأولاد ، ولا شك أن هذا يذهب المودة والرحمة المقصودة من الزواج ، ويحل مكانه النفور ، ولا يحصل كمال الاستمتاع بينهما .
وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" هل البهاق اليسير من عيوب النكاح ؟ يعني : لو وجد الرجل في زوجته بهاقاً فهل يعد عيبا ؟
فأجاب :
" نعم ، هو عيب لا شك ؛ لأن الإنسان ينفر من هذا ، ولا يمكن أن يركن إلى زوجته إلا أن يشاء الله ، وهو عيب سواء في الرجل أو في المرأة ، حتى الرجل لو كان به بهاق ، وتزوجت المرأة منه غير عالمة به ؛ فإنه عيب لها أن تفسخ النكاح به …
وأما من جهة الإثم فالرجل يأثم والمرأة تأثم إذا كان فيهما هذا العيب أو غيره من العيوب التي تمنع كمال الاستمتاع ولم يخبر صاحبه ، فإن كتمانه لا شك أنه محرم ، وهو من الغش الذي تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " ( 39 / 10 ، ترقيم الشاملة ) .
والأقرب في هذا المسألة :
أنها مما يرجع فيه إلى عرف وعادة كلِّ مجتمع ، فالمجتمعات تختلف في نظرتها لهذا المرض ، فمنهم من يعده عيباً منفراً ، ومنهم من لا يعده كذلك .
وقد عرضنا هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى فقال:
" إذا كان البهاق في العرف الاجتماعي يعد عيباً : فيجب بيانه ويحرم كتمانه ، وإذا كان عرفاً لا يعد عيباً : فلا يلزم بيانه ". انتهى .
والحاصل :
أنه إذا كان هذا القدر من البهاق في عرفكم الاجتماعي يعد عيباً ينفر الناس منه
فيلزمك بيانه وإخبار الخاطب به ، فهذا خير لك وللخاطب ، وعليك أيتها الأخت بالصبر والتوكل على الله تعالى ، وسيجعل الله بعد عسر يسرا .
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ، ويزيل همك .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة