كنت أعمل بمرتب كبير ، ولكنني تركت العمل منذ فترة ، واحتجت إلى المال لأبدأ مشروعا تجاريا خاصا بي ، فهل يجوز لي أن أقترض من أحد أصدقائي ، وهو لا يعلم أني تركت العمل ، والظاهر أنه يقرضني لأجل معرفته بدخلي ، وأنني سوف أتمكن من أداء الدين من هذا الراتب ؟
إذا كان المقترض غير قادر على الوفاء فعليه أن يبين ذلك للمقترض
السؤال: 229537
ملخص الجواب
والحاصل : أن المقترض إذا لم يكن قادرا على الوفاء ، والمقرض لا يعلم بذلك ، وكان مبلغ القرض كبيرا : فالواجب عليه أن يبين ذلك للمقرض ، حتى لا يضر به . وهذا متأكد في حالتك ، لأنك كنت معروفا بأن عندك مالا ، وهو ما سيشجع المقرض لإقراضك ، فإذا علم بعد ذلك أنك تركت العمل ، فإنه سيتهمك بالغش والخداع . نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك . والله أعلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا احتاج الإنسان إلى الاقتراض : فلا حرج عليه من ذلك ، ولكن ينبغي له أن يبين حاله للمقرض ، حتى لا يكون غاشاً له ، ولا مغررا به ، إذا تأخر أو عجز عن السداد .
وهذا إذا كان المبلغ الذي ستقترضه كبيرا ، مما يكون أداؤه مشكلة ، لعامة الناس.
أما المبالغ القليلة التي لا يصعب ردها : فلا يلزم المقرض أن يبين حاله للمقترض .
قال ابن قدامة رحمه الله في ” المغني ” (6/430) :
“وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ ، فَلْيُعْلِمْ مَنْ يَسْأَلُهُ الْقَرْضَ بِحَالِهِ ، وَلَا يَغُرُّهُ مِنْ نَفْسِهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ ” انتهى .
وقال البهوتي الحنبلي في “كشاف القناع” (10/2) الشاملة :
“وَيَنْبَغِي لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يُعْلِمَ الْمُقْرِضَ بِحَالِهِ ، وَلَا يَغُرَّهُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَلَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ ، إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَتَعَذَّرُ مِثْلُهُ عَادَةً ، لِئَلَّا يَضُرَّ بِالْمُقْرِضِ .
وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الشِّرَاءَ بِدَيْنٍ ، وَلَا وَفَاءَ لِلدَّيْنِ عِنْدَهُ ، إلَّا الْيَسِيرُ لِعَدَمِ تَعَذُّرِهِ عَادَةً” انتهى .
وقد نص بعض العلماء على أن الاقتراض يكون حراما ، إذا كان المقترض غير قادر على الوفاء ، ولم يُعْلِم المقرضَ بذلك ؛ لأنه بذلك قد يضر المقرض ، وقد يكون المقرض محتاجا لهذا المال ، ويرضى أن يقرضه ، ثقةً منه أن المقرض سوف يرد إليه المال في الوقت الذي يحتاج إليه فيه ، فإذا تأخر عن السداد في ذلك الوقت ، تضرر المقرض بذلك ووقع في الحرج والضيق .
قال البجيرمي الشافعي في ” حاشيته ” (8/46) الشاملة :
“وَقَدْ يَحْرُمُ [يعني : القرض] كَغَيْرِ مُضْطَرٍّ لَمْ يَرْجُ وَفَاءً ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ ، وَكَمَنْ أَظْهَرَ صِفَةً ، لَوْ عَلِمَ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ : لَمْ يُقْرِضْهُ ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (9/95) :
“فلهذا ينبغي للإنسان أن لا يقترض إلا لأمر لا بد منه .
هذا إذا كان له وفاء ؛ أما إذا لم يكن له وفاء : فإن أقل أحواله الكراهة ،وربما نقول بالتحريم، وفي هذه الحال يجب عليه أن يبين للمقرض حاله ؛ لأجل أن يكون المقرض على بصيرة ” انتهى .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب