0 / 0

تخريج حديث : ( مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِعِزِّهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا ذُلًّا…)

السؤال: 230202

ما مصدر وصحة هذا الحديث : ( من تزوج امرأة لحسبها فلا زاد الله في حسبه ، ومن تزوجها لمالها فلا زاد الله في ماله ، ومن تزوجها لنسبها فلا زاد الله في نسبه، ولكن من تزوجها لحفظ بصره وفرجه فبارك الله له فيها ) ؟
وهل هناك أجر أو أحاديث تنص على أجر من يتزوج فقط لمجرد حفظ فرجه وبصره ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى الطبراني في “الأوسط” (2342) ، وفي “مسند الشاميين” (11) – ومن طريقه أبو نعيم في “الحلية” (5/245) – ، وابن حبان في “المجروحين” (2/ 151) من طريق عَبْد السَّلَامِ بْن عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِعِزِّهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا ذُلًّا ، وَمَنْ تَزَوَّجَهَا لِمَالِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا فَقْرًا ، وَمَنْ تَزَوَّجَهَا لِحَسَبِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا دَنَاءَةً ، وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ يَتَزَوَّجْهَا إِلَّا لِيَغُضَّ بَصَرَهُ أَوْ لِيُحْصِنَ فَرْجَهُ ، أَوْ يَصِلَ رَحِمَهُ بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهَا ، وَبَارَكَ لَهَا فِيهِ ) .
وقال الطبراني عقبه : لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا عَبْدُ السَّلَامِ ” .
وعبد السلام هذا متروك الحديث ، قال العقيلي : لا يتابع على شيء من حديثه .
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات ، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ .
“ميزان الاعتدال” (2/ 617) .
وقال الشوكاني رحمه الله في “الفوائد المجموعة” (ص 121):
” في إسناده: عبد السلام بن عبد القدوس ، يروي الموضوعات ” انتهى .
وذكر الألباني هذا الحديث في “الضعيفة” (1055) وقال : ” ضعيف جدا ” .

ورواه أبو طاهر المخلِّص في ” المُخَلِّصيَّات ” (4/ 111) من طريق يحيى بن عثمانَ السمسار البصريّ قالَ : حدثنا إسماعيلُ وهو ابنُ عيّاشٍ ، عن عبَّادِ بنِ كثيرٍ ، عمَّن سمعَ أنسَ بنَ مالكٍ يقولُ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: … فذكره .
وهذا إسناد واه جدا ، عباد بن كثير هو الثقفي البصري ، قال ابن معين : لا يكتب حديثه ، وقال أيضا : ليس بشيء ، وقال أبو زرعة : لا يكتب حديثه ، وقال البخاري: تركوه ، وقال النسائي والعجلي : متروك الحديث ، وقال البرقي : ليس بثقة .
“تهذيب التهذيب” (5/ 100) .
وإسماعيل بن عياش روايته عن غير أهل الشام ضعيفة ، وهذه منها .
انظر : “التهذيب” (1/ 324) .
ثم هو منقطع بين عباد بن كثير وأنس رضي الله عنه ، لقوله في روايته : ” عمن سمع أنس بن مالك ”

ثانيا :
ابتغاء النكاح لحفظ البصر والفرج من الحرام : مقصد شرعي ، يؤجر صاحبه عليه ، إن شاء الله ، ويرجى له به العون من الله . وقد دلت على ذلك النصوص الشرعية :
روى البخاري (5065) ، ومسلم (1400) عن ابن مسعود قَالَ : ” كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ منكُم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) .
فقوله : (فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) بيان أن الحكمة من الأمر بالتزوج : غض البصر وحفظ الفرج .
قال القاري رحمه الله في “المرقاة (5/ 2041):
” (فَإِنَّهُ) أَيْ: التَّزَوُّجَ (أَغَضُّ لِلْبَصَرِ) أَيْ: أَخْفَضُ ، وَأَدْفَعُ لِعَيْنِ الْمُتَزَوِّجِ عَنِ الْأَجْنَبِيَّةِ ، مِنْ : غَضّ طَرْفه ؛ أَيْ: خَفْضه وَكَفّه (وَأَحْصَنُ) أَيْ: أَحْفَظُ (لِلْفَرْجِ) أَيْ: عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ ” انتهى .
وروى الترمذي (1655) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ ” وحسنه الألباني في ” صحيح الترمذي” .
قال المناوي رحمه الله :
“(والناكح الذي يريد العفاف) أي المتزوج بقصد عفة فرجه عن الزنا واللواط أو نحوهما ” .
انتهى من “فيض القدير” (3/ 317) .
فالذي يبادر بالزواج لصيانة نفسه وحفظ بصره وفرجه مطيع لله ولرسوله ، وهذا أزكى لنفسه ، وأطهر لقلبه ، وحق على الله أن يعينه ، تفضلا منه وكرما ، ومن كانت هذه حاله : فله الأجر والمثوبة عند الله .
وهناك مقاصد شرعية أخرى يقصدها المسلم بالنكاح كالولد الصالح ، وتكثير عدد المسلمين ، وصيانة المرأة وعفتها ، وبناء البيت المسلم ، والسعي في طلب الرزق والنفقة على الزوجة والأولاد ، فكل هذه مقاصد شرعية يؤجر عليها .
وانظر السؤال رقم : (34170) ، ورقم : (10376) .
ولا حرج على الرجل أن يطلب المرأة لجمالها ، فذلك أمر فطري ، لا يعاب في نفسه ، بل قد يمدح ، إذا كان ذلك أعون لصاحبه على أن يغض بصره ، ويحصن فرجه ، وإنما الذي ينبغي له أن يجعل وصف الدين فيمن يتزوجها هو الباعث الأول له على اختياره ، بحيث يقدمه على ما سواه من الأوصاف والمقاصد ؛ فمتى تحقق له الدين مع الجمال ، فهو خير وأفضل له ، ومتى طلب المرأة لجمالها ، مع تحقيقها للدين الواجب ، والتعفف والحجاب : فلا حرج عليه ، وإن ترك من هي أدين منها وأفضل .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android