0 / 0

تختفي أمواله من الخزانة ويعتقد أنه من فعل الشيطان

السؤال: 230281

من فترة إلى فترة يقوم جان بسرقة المال والذهب ، علماً بأن الذهب مقفل في خزنه خاصة ولا أحد يعلم بالرقم السري ، يتم قراءة سورة البقرة كل أسبوع في البيت ، ومازال مسلسل اختفاء المال و الذهب موجود في البيت ، غالبا في الأسبوع الذي لا تتم فيه قراءة سورة البقرة يحدث فيه الاختفاء ، علماً بأن أحد المشايخ ذكر أنه جان متسلط فما هو الحل ؟
وهل المال أو الذهب الذي سرق يمكن للجان أن يرده ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
من حيث الأصل فإن للشيطان القدرة على سرقة الأشياء من الناس ، ومن أشهر ما يستدل به على هذا ؛ قصة أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: ” وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنِّي مُحْتَاجٌ ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ ، وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ … فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ : لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ ، قَالَ : دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا ، قُلْتُ : مَا هُنَّ ؟ قَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ ؟ ) ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ ، قَالَ: ( مَا هِيَ ؟ ) ، قُلْتُ : قَالَ لِي : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ) ، وَقَالَ لِي : لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ـ وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ ـ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ ) قَالَ : لاَ ، قَال َ: ( ذَاكَ شَيْطَانٌ ) ” رواه البخاري (2311) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
” وفي الحديث من الفوائد … وأنهم – أي الجن – يسرقون ويخدعون ” .
انتهى من ” فتح الباري ” (4 / 489) .

لكن الجن وإن كانوا لهم قدرة على السرقة ، إلّا أنهم لا قدرة لهم على فتح باب مغلق .
عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ) رواه البخاري (3304) ، ومسلم (2012) .
فالحديث نصّ على أن الشيطان لا قدرة له على فتح الباب المغلق .
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
” وأما قوله : ( إن الشيطان لا يفتح غلقا ، ولا يحل وكاء ) فذلك إعلام منه ، وإخبار عن نعم الله عز وجل على عباده من الإنس ، إذ لم يعط قوة على فتح باب ، ولا حل وكاء ، ولا كشف إناء ، وأنه قد حرم هذه الأشياء ” انتهى ” الإستذكار” (26 / 294) .
وقيّد بعض أهل العلم ذلك إذا ذكر اسم الله تعالى عند غلقه .
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
” وفي رواية زاد في كل من الأوامر المذكورة ( واذكر اسم الله تعالى ) … ذكر اسم الله يحول بينه – أي الشيطان – وبين فعل هذه الأشياء ، ومقتضاه أنه يتمكن من كل ذلك إذا لم يذكر اسم الله ، ويؤيده ما أخرجه مسلم والأربعة عن جابر رفعه : ( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان : أدركتم ) ، وقد تردد ابن دقيق العيد في ذلك فقال في شرح الإلمام : يحتمل أن يؤخذ قوله ( فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا) على عمومه ، ويحتمل أن يخص بما ذكر اسم الله عليه ” انتهى من ” فتح الباري ” (11 / 87 – 88).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” لكن الشياطين إنما تتسلط على من لا يذكر اسم الله ؛ كالذي لا يذكر اسم الله إذا دخل ، فيدخلون معه ، وإن لم يذكر اسم الله إذا أكل ، فإنهم يأكلون معه .
وكذلك إذا ادّخر شيئاً ، ولم يذكر اسم الله عليه ، عرفوا به ، وقد يسرقون بعضه ، كما جرى هذا لكثيرٍ من الناس .
وأما من يذكر اسم الله على طعامه ، وعلى ما يختاره ، فلا سلطان لهم عليه ، لا يعرفون ذلك ، ولا يستطيعون أخذه ” انتهى من كتابه ” النبوات ” (2 / 1022) .

فالحاصل : أن عليك أن تذكر اسم الله تعالى عند غلقك باب خزانة أموالك ، فإن الشيطان لا يقدر على فتحه ، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، وواظب على قراءة آية الكرسي فإنها تطرد الشياطين عنك ، وتحفظك من شرها كما دلّ عليه حديث أبي هريرة السابق .
وعليك أن تحتاط أكثر في حفظ أموالك وذلك بتغيير الرقم السري ، وإذا استطعت فضع جهاز مراقبة ونحو هذا ، فلعل هناك من يدخل البيت في غيابك وله خبرة في فتح الخزائن المغلقة.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم : (101681) .

ثانيا :
عودة المسروق هو أمر ممكن عقلا، ولكن لا نعلم وسيلة معينة لاستعادة الأموال التي سرقها الجن ، فعليك بكثرة اللجوء إلى الله تعالى بدعائه أن يرد عليك ما ضاع منك . قال الله تعالى :( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة /186 .
وإذا بقيت في ريب من أمرك ، ولم ينقطع عنك ضياع مالك ، وأمكنك أن تغير منزلك ، من غير ضرر زائد عليك : فلا بأس بذلك ، بل قد يكون فيه منفعة ومصلحة لكم ، إن شاء الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android