لي سؤال حول رجل يعاني من قطرات البول بعد التبول لفترة طويلة – أي شخص يأخذ أحكام صاحب السلس – فيتحفظ منه بلف مناديل ورقية حول ذكره : حوالي أربع مناديل مطوية – وهو ما يشكل عدة طبقات (ستة عشر) تفصل الذكر عن اللباس الداخلي – والقطرات حسب غلبة الظن يسيرة إلا أنها تمر من طبقة لطبقة ولا تصل مباشرة للباس ، وبمرور الوقت يشك في تنجس اللباس خاصة وأن المناديل تعرق بفعل الحرارة وتصبح رطبة وربما – وليس يقينا – تجاوزت القطرات اليسيرة كل الطبقات ووصلت للباس الداخلي فهل هذا معفو عنه ؟
علما وأنه في تغيير اللباس عند كل صلاة مشقة كبيرة ، وأيضا في الإسراف في استعمال المناديل حرج ، فهي كما هو معلوم بضاعة ذات ثمن ، ولكن يبقى الإشكال في مخافة أن يكون هناك تهاون وتقصير في التحرّز من النجاسة ، ففي عديد من الفتاوى يقال : بأن على المريض التحفظ بشد خرقة فأرجو تبيين نوع الخرقة – أو حتى طرح مثال أكرمكم الله – وكيفية تطهيرها ؟ وما المعفو عنه عند وصول قليل من هذه القطرات للثوب الداخلي ؟
العفو عن يسير سلس البول بعد كمال التحفّظ
السؤال: 230448
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يبعد أن تمر قطرات البول اليسيرة عبر كل هذه الطبقات المذكورة من المناديل ، والذي يظهر أن هذا الشك ناتج عن وسوسة زائدة ؛ ولذا فالواجب عليك إهمال ذلك ، وعدم الالتفات إليه ، وبهذا يحصل الشفاء من الوسوسة ؛ لأن الإنسان كلما تغافل عن الوساوس ؛ كان ذلك أدعى لعلاجه ، وكلما التفت إليها ، تمكّنت منه ، وازدادت عليه ، حتى تنغّص عيشه ، وتصعّب عليه كثيرا من الأحكام الشرعية ، وربما تنتهي به إلى ترك العمل بتلك الأحكام ، والعياذ بالله .
ولذلك فقد نص العلماء على أن الشك إذا كثر ، وجب طرحه وعدم اعتباره ، وعدم الالتفات إلى احتمال وقوع الأمر المشكوك فيه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ” إذا كان [أي : السلس] وهْما ، كما يوجد في بعض الناس الذين عندهم وساوس ؛ فإن هذا لا يلتفت إليه إطلاقا ، يعرض عنه ، ويتلهى عنه ، وسيزول عنه بإذن الله ” انتهى من اللقاء (السادس والعشرين) من ” لقاءات الباب المفتوح ” .
وللاستزادة يرجى مراجعة السؤال : (62839) .
ثانيا :
على افتراض السلامة من داء الوسوسة ، وأن قطرات البول تتساقط فعلا دون تحكم ، وتتجاوز طبقات المناديل ، فإن العلماء قد نصوا على العفو عن يسير سلس البول ، بعد كمال التحفظ ، بلف منديل معتاد ، أو خرقة ، أو نحوها ، وما خرج عن ذلك كله : فهو معفو عنه ؛ لصعوبة الاحتراز منه ، وضبط الأمر بالكلية .
قال البهوتي في ” شرح منتهى الإرادات ” (1/108) :
ويعفى ” عن يسير سلس بول ، بعد كمال التحفظ ، لمشقة التحرز منه ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين : ” ومن يسير النجاسات التي يعفى عنها ، لمشقة التحرز منه : يسير سلس البول لمن ابتلي به ، وتحفظ تحفظا كثيرا قدر استطاعته ” .
انتهى من ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” (1/ 447) .
فالشرع الحنيف مبني على اليسر والسهولة ، لا على التشديد والوسوسة ، كما قال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ ) ، ولقوله تعالى : ( مَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ ) ، ولقوله تعالى : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجعَلَ عَلَيكُم مِن حَرَجٍ ) ، وفى الصحيح عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّمَا بُعِثتُم مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبعَثُوا مُعَسِّرِينَ ) .
والسؤال عن نوع الخرقة وكيفية تطهيرها ، مما يؤكد إصابة السائل بالوسوسة ، فعليه أن يجتنب الاسترسال مع الوساوس ، وأن يسأل الله العافية منها ، فالخِرَق التي تمنع وصول البول إلى البدن والثياب معروفة ، وتطهيرها كتطهير سائر الألبسة بغسلها بالماء ، وهذا أمر معلوم لا يخفى ، فلا تشدد على نفسك ، ولا تكلفها من أمرها شططا .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة