0 / 0

أصيبت بالعين فأثر ذلك عليها في دينها ودنياها ، وزوجها يمنعها من الاتصال بالمعالجين ، ومن التواصل مع أهل العلم لاستفتائهم .

السؤال: 230982

أُصبت بالعين مما أثر علي في عباداتي ، فأصبحت لا أطيق العلم الشرعي بعد أن كنت أجله ،وأحبه ، وأكره حضور الدروس حتى علاقتي مع زوجي لا أشعر بالود معه ، ودائمة الشك فيه ، ومقصرة جدا في مسؤوليتي تجاه زوجي وأولادي , بفضل الله من فترة وأنا أعالج نفسي ،ولكن المشكلة أن زوجي يظن أني واهمة ، والأمر الآخر أني أعيش مع زوجي في بلد ليس معنا من أهلنا أحد ، فأجد صعوبة في القيام بواجباتي ، ولا أستشعر لذة العبادة أقيمها جسد لا روح
، واشتد الأمر أني لا أستطيع نسيان طلاق زوجي لي رغم أنه راجعني ، وأيضاً ذهابه لأكثر من امرأة للزواج مرة أخرى ـ الحمد لله ـ مستسلمة للتعدد ، ولكن كنت أريده بجانبي فترة مرضي ، كيف لي التغلب على المرض ؟ ونسيان تصرفات زوجي ؟
سؤال آخر :
زوجي يمنعني من الاتصال بأي شيخ لأستفتيه وأحيانا أكون مضطرة للسؤال أو متابعة حالتي مع معالج , فهل علي شيء ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
اقتضت حكمة أحكم الحاكمين جل وعلا ، أن يبتلي عباده بالخير والشر ، والسراء والضراء ، لينظر صبرهم وشكرهم, قال تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )الأنبياء/35 .
وقد حث سبحانه عباده على دعائه والتضرع إليه سبحانه إذا نزل بهم بلاء ، أو وقع بهم ضر, قال تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام/ 42، 43 .

ثانيا :
الذي ننصحك به في هذا المقام : أن تقومي بين يدي الله تعالى ، تشكين إليه بثك وحزنك ، وتسألينه أن يفرج عنك ما نزل بك ، وأن يرفع عنك هذا البلاء .
ونذكرك ببعض ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من أدعية تخص المكروب :
روى أحمد (3528) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ) . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) .
وروى أبو داود (5090) ، وأحمد (27898) عن أَبِي بَكْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ : اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو ، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ) والحديث حسنه الألباني في ” صحيح أبي داود “.
وروى البخاري (6346) ، ومسلم (2730) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ : ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) .
قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم” : ” وَهُوَ حَدِيث جَلِيل , يَنْبَغِي الِاعْتِنَاء بِهِ , وَالْإِكْثَار مِنْهُ عِنْد الْكُرَب وَالْأُمُور الْعَظِيمَة , قَالَ الطَّبَرِيُّ : كَانَ السَّلَف يَدْعُونَ بِهِ , وَيُسَمُّونَهُ دُعَاء الْكَرْب , فَإِنْ قِيلَ : هَذَا ذِكْر وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاء ؟ فَجَوَابه مِنْ وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّ هَذَا الذِّكْر يُسْتَفْتَح بِهِ الدُّعَاء ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ , وَالثَّانِي : جَوَاب سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ فَقَالَ : أَمَا عَلِمْت قَوْله تَعَالَى : ( مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَل مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ ) وَقَالَ الشَّاعِر :
إِذَا أَثْنَى عَلَيْك الْمَرْء يَوْمًا * كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضه الثَّنَاء ” انتهى .
ثالثا :
وأما علاج العين والحسد ، فقد سبق الحديث عنه في الفتوى رقم : (146637) والفتاوى التي أحيل عليها فيها.

رابعا :
وأما بخصوص استفتاء الزوجة أهل العلم في الأمور الدينية التي تحتاجها ، فهذا أمر يجب على زوجها أن يكفيها فيه, فيسأل لها من عنده من أهل العلم ، ويبلغها عنهم ما أفتوه به .
وإن كان الأمر يحتاج إلى مباشرتها للسؤال والسماع ؛ فليصطحبها هو معه ، أو يصحبها بعض محارمها ، إلى من يثقون في علمه ودينه .
فإن لم يكفها : جاز لها الخروج لتستفتي في أمور دينها التي تحتاجها, مع الاحتياط لنفسها باختيار من يوثق في علمه ودينه ، ومراعاة أدب الشرع في ذلك ، ولا سيما عدم الخلوة ، وعدم الخضوع بالقول ، ونحو ذلك .

ولا يجوز لزوجها أن يمنعها ، متى احتاجت إلى ذلك في أمر دينها ، ووقفت عند حد الأدب الشرعي؛ فإن منعها : جاز لها الخروج بدون إذنه .
قال الرملي الشافعي وهو يعدد الحالات التي يجوز للزوجة فيها الخروج دون إذن الزوج ، ولا تعتبر فيها ناشزا : ” أَوْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ لِقَاضٍ ، تَطْلُبُ عِنْدَهُ حَقَّهَا ، أَوْ لِتَعَلُّمٍ ، أَوْ اسْتِفْتَاءٍ ، إنْ لَمْ يُغْنِهَا الزَّوْجُ الثِّقَةُ . أَيْ : أَوْ نَحْوُ مَحْرَمِهَا ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ” .
انتهى من ” نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ” (7 / 206).
وقال الشبراملسي في حاشيته معلقا” (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَعْلَمَ) أَيْ : لِلْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ ، لَا الدُّنْيَوِيَّةِ .
(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِفْتَاءً) أَيْ لِأَمْرٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخُصُوصِهِ ، وَأَرَادَتْ السُّؤَالَ عَنْهُ ، أَوْ تَعَلُّمَهُ . أَمَّا إذَا أَرَادَتْ الْحُضُورَ لِمَجْلِسِ عِلْمٍ لِتَسْتَفِيدَ أَحْكَامًا تَنْتَفِعُ بِهَا ، مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهَا حَالًا، أَوْ لِحُضُورٍ لِسَمَاعِ الْوَعْظِ : فَلَا يَكُونُ عُذْرًا ” . انتهى من ” نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج مع حاشية الشبراملسي ” (7 / 206).

وبهذا تعلمين أنه إذا نزل بك أمر ، أو ألمت بك حادثة احتجت فيها إلى سؤال أهل العلم : فيمكنك أن تطلبي من زوجك ، أو بعض محارمك ، أن يسأل لك عنها ، إذا كان ثقة في دينه وفهمه ، بحيث لا ينقل كلام أهل العلم على غير وجهه, فإن لم يكن كذلك جاز لك أنت الاتصال بمن تثقين في دينه وعلمه لاستفتائه في أمر نزل بك ، تحتاجين معرفة حكمه .

أما الرقية الشرعية فلست بحاجة تبيح لك الخروج من غير إذن زوجك ، ومرافقته ، بل يمكنك أنت ممارستها بنفسك ، أو يقوم بذلك زوجك ، أو بعض محارمك .
وأما ما ذكرت من أنك لا تنسين لزوجك طلاقه لك ، أو رغبته في النكاح ؛ فإننا نقول لك ـ يا أمة الله ـ : إنك لن تحصدي من ذلك سوى تنغيص العيش عليك ، ليل نهار ، بل الذي ينبغي أن تنسي ذلك كله ، وتصفحي عن زوجك ، إذا قُدِّرَ أنه أساء إليك ، أو قَصَّر في حقك ، وقد أمر الله عباده بالعفو والصفح ، فقال : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران/134 ، وقال تعالى : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) الحجر/85-86 ، وقال تعالى : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/22 .
وإذا كان العفو والصفح فضيلة مشروعة متأكدة في حق عامة الناس ؛ فلا شك أنها في أمر الزوجة مع زوجها آكد ، وأعظم .
وهذا كله ، إذا قدرنا أنه لم يكن منك سبب ، استوجب منه ذلك .
فكيف إذا كان ظاهر الحال ، وما تذكرينه من التقصير والتفريط ، مما يوقع شيئا من النفرة في النفوس ، والرغبة في تعويض ما فاتها من النقص ، والرجل بشر من البشر ، له حاجات ، وكل إنسان له طاقة ، وله تحمل .
والحاصل : أن الذي ندعوك إليه ، وننصحك به : أن تطوي صفحة الماضي ، وما فيها من الآلام مع زوجك ، وتذكري ما له من جميل الخصال والصفات ؛ بل يكفيك أن تذكري منه : ما يمكنك التعايش معه ، ويعينكما على إكمال مسيرة الحياة الزوجية سويا .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (137780) ، ورقم : (219214) ، ورقم : (21457) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android