0 / 0

من باع آخرته بدنيا غيره ، فهو من أخسر الخاسرين .

السؤال: 231319

ما تفسير قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : “رجل باع اخرته بدنيا غيره” ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا القول نُقل عن جماعة من السلف والأئمة المتقدمين.
فروى أبو نعيم في “الحلية” (5/ 325) عن مَيْمُون بْن مِهْرَانَ، قال: ” قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِجُلَسَائِهِ: ” أَخْبِرُونِي بِأَحْمَقِ النَّاسِ ” ؟
قَالُوا: رَجُلٌ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ !!
فَقَالَ عُمَرُ: ” أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَحْمَقَ مِنْهُ؟
” قَالُوا: بَلَى .
قَالَ: ” رَجُلٌ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ ” !!

وروى الدارمي (673) : ” أن سُلَيْمَان بْن عَبْدِ الْمَلِكِ سأل أبا حازم : أَيُّ الناس أَحْمَقُ؟
قَالَ: ” رَجُلٌ انْحَطَّ فِي هَوَى أَخِيهِ ، وَهُوَ ظَالِمٌ، فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ ” !!
فقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَصَبْتَ ” .

وروى ابن عبد البر عَنِ عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال : “كَانَ يُقَالُ: أَخْسَرُ النَّاسِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ ، وَأَخْسَرُ مِنْهُ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ “.
انتهى من “جامع بيان العلم وفضله ” (2/ 906) .
وقَالَ سَحْنُونٌ : ” أَشْقَى النَّاسِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ “
انتهى من ” الآداب الشرعية والمنح المرعية ” (2/ 63) .

وقد ورد ذلك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لا يصح نسبته إليه ؛ رواه ابن ماجة (3966) ، وضعفه الألباني في ” ضعيف ابن ماجة ” .
وانظر : ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (735) ، (835) ، “ضعيف الجامع” (1388) .

وروى ابن حبان (4909) عن أبي سعيد الخدري قال: ” مَرَّ أَعْرَابِيٌّ بِشَاةٍ ، فَقُلْتُ تَبِيعُنِيهَا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ ، ثُمَّ بَاعَنِيهَا ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقَالَ: (باع آخرته بدنياه) وحسنه الألباني في “الصحيحة” (364) .

ومعنى (باع آخرته بدنياه) : أي : ارتكب معصية الله تعالى لينتفع في الدنيا، وعَرَّض نفسه لخسارة نعيم الآخرة ، كمن حلف كاذبا أو غش ليربح في البيع .
أو تعامل بالربا ليجمع الأموال .
أو ظلم الناس وأكل أموالهم بغير حق ، كالسارق والغاصب والخائن .
وأما معنى “باع آخرته بدنيا غيره ” : فذلك يطلق على من يعصي الله تعالى ويعرض نفسه لخسارة نعيم الآخرة ، لا من أجل أن يتنعم هو بالدنيا ، ولكن ليتنعم غيره بها ؛ فهو يصلح دنيا غيره ، بفساد آخرته .
وذلك : كمن أعان ظالما ليتمكن من ظلمه ، كعلماء السوء أو جنود الحكام الظلمة الذين يعينونهم على ظلم رعيتهم ، فهؤلاء أعانوا ذلك الظالم ليستمتع بدنياه ويتمكن فيها ، وأذهبوا آخرتهم ، فباعوا آخرتهم ولم يستفيدوا هم شيئا من الدنيا وإنما استفاد غيرهم .
قال المناوي : ” سماه الفقهاء : أخس الأخساء” انتهى من “التيسير” (2/380) .
وينظر : “فيض القدير” (2/424) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android