بالنسبة لما أحفظه من القرآن عندما أراجعه ، هل من المستحب أن أرتله ، ولا أستعجل الوقت في مراجعته ، أم لا حرج في قراءته كقراءة النصوص ، مع أن الخشوع هنا يكاد لا يظهر ، وتكون الفائدة مراجعة كثيرة فقط ؟
هل يقرأ القرآن بسرعة من أجل مراجعة ما يحفظ ؟
السؤال: 232101
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا ؛ لأن ذلك هو ما أرشد إليه القرآن ، فقال تعالى: ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء/ 82 ، وقال عز وجل : ( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ) المؤمنون/ 68 ، وقال عز وجل : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) سورة ص/ 29 .
ومعنى تدبر آيات الله : ” التأمل في معانيه ، وتحديق الفكر فيه ، وفي مبادئه وعواقبه ، ولوازم ذلك ، فإن تدبر كتاب الله مفتاح للعلوم والمعارف ، وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم ، وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته ، فإنه يعرِّف بالرب المعبود، وما له من صفات الكمال; وما ينزه عنه من سمات النقص ، ويعرِّف الطريق الموصلة إليه وصفة أهلها، وما لهم عند القدوم عليه ، ويعرِّف العدو الذي هو العدو على الحقيقة ، والطريق الموصلة إلى العذاب ، وصفة أهلها، وما لهم عند وجود أسباب العقاب .
وكلما ازداد العبد تأملا فيه ، ازداد علما وعملا وبصيرة ، لذلك أمر الله بذلك ، وحث عليه ، وأخبر أنه هو المقصود بإنزال القرآن .
ومن فوائد التدبر لكتاب الله : أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين ، والعلم بأنه كلام الله ، لأنه يراه يصدق بعضه بعضا، ويوافق بعضه بعضا ” .
انتهى مختصرا من “تفسير السعدي” (ص 189) .
إلا أنه قد يحتاج المرء إلى السرد السريع من أجل المراجعة ، فهذا لا حرج فيه ، لأنه لو رتل لفات مقصوده ، الذي هو المراجعة . والمراجعة وضبط الحفظ مقصد شرعي مطلوب .
والمقصود بالسرعة هنا : السرعة التي لا تخل بالقراءة الصحيحة ، ومثل هذه السرعة يمكن أن يحصل معها قدر لا بأس به من التدبر ، ولو في عموم المعاني ، أو بعض الآيات ؛ وإن كان التدبر عند الترتيل أظهر .
قال علم الدين السخاوي في “جمال القراء وكمال الإقراء” (ص: 666) :
“واعلم بأن القرآن العزيز يقرأ للتعلم ، فالواجب التقليل والتكرير.
ويقرأ للتدبر فالواجب الترتيل والتوقف .
ويقرأ لتحصيل الأجر بكثرة القراءة ، فله أن يقرأ ما استطاع ، ولا يؤنب إذا أراد الإسراع ..
وكان عثمان، رضي الله عنه، يقرأ القرآن في ركعة يوتر بها. ذكره الترمذي.
وقرأ سعيد بن جبير القرآن كله في ركعة في الكعبة …
وكان الشافعى، رحمه الله ، يختم في رمضان ستين ختمة ، كلّها في الصلاة ” انتهى.
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : هل قراءة القرآن الكريم بسرعة محرمة ؟
فأجاب :
“السرعة نوعان : سرعة يلزم منها إسقاط بعض الحروف أو الحركات : فهذه لا تجوز .
وسرعة أخرى مع المحافظة على الكلمات والحروف والإعراب : فهذه جائزة ” .
انتهى من ” فتاوى نور على الدرب” (5/2) الشاملة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب