أنا عمري 24 سنة ، متخرجة و- الحمد لله – على دين وأخشى الله ، مشكلتي أنه تقدم لخطبتي في رمضان الفارط جارنا الذي يفوقني بخمسة عشرة سنة ، ولم يكن بيننا أي علاقة في السابق، هو إنسان محترم جداً ، وعلى خلق وملتزم أخلاقياً، ويخاف الله ومقيم لصلاة، وفي علاقته معي محترم جداً، المشكلة الوحيدة أنه بخيل فنحن من عادة الخاطب أن يعين خطيبته ولو بالقليل والبسيط ، ورغم أن ظروفي المادية صعبة جداً فلا أجرؤ أن أطلب منه شيئا، مع العلم أنه يعمل مهندسا وظروفه المادية جيدة جداً، كل ليلة أنام وأنا أبكي ، أقول سبحان الله هل أتركه رغم تدينه لأنه بخيل، أم أصبر؟ انصحوني .
لا تعيب خطيبها إلا بالبخل ، فهل تمضي في مشروع الزواج ، أم تفسخ خطبتها ؟
السؤال: 232733
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا شك أن من ذميم الصفات التي يتصف بها الإنسان صفة البخل .
وقد روى البخاري في “الأدب المفرد” (296) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ( مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلِمَةَ؟ ) ، قُلْنَا: جُدُّ بْنُ قَيْسٍ ، عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ ، قَالَ: ( وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ ) ” وصححه الألباني في “صحيح الأدب المفرد” .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بـ : (اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ) وروى البخاري (4707) ، ومسلم (2706) .
لكن ، ومع ذلك ، فليس من شك أيضا : أنه ما من الناس من نستطيع أن نحكم عليه أنه حسن الأخلاق والصفات في كل شيء ، إذ لا بد في العادة أن يوجد النقص ، ويعتري الإنسان بعض العيوب ، وإذا غلب على الشخص محاسن الصفات ، وعرف بها في قوله وفعله ، فإن مثل هذا يغفر له هذه النقائص التي تعتري الإنسان عادة .
ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم الزوج ، أو الزوجة ، من النظر إلى جانب النقص في شخص الآخر ، والمبالغة في ذلك ، بما يؤدي إلى فساد ذات البين ، واستحكام النفرة بينهما .
روى مسلم (1469) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَفْرَكْ [أي : لا يبغض] مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ) .
فليس هناك عادة من تكمل جميع صفاته الحسنة .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (219214) .
على أننا نرى أن ما ذكرته ليس كافيا لوصف هذا الخاطب بالبخل ، فقد يكون الذي يمنعه من مساعدتك بالمال أنه يرى أنه لا يكون شيء من ذلك حتى يتم عقد النكاح ، أما مجرد الخطبة فأنت لا زلت امرأة أجنبية عنه ، وقد يكون حياؤه هو الذي يمنعه من ذلك … وهناك أسباب كثيرة لمثل هذا التصرف .
والذي ننصحك به هو التأكد من هذه الصفة ، وذلك بالسؤال عنه وملاحظة تصرفاته حتى يكون الحكم صحيحا .
فإن ثبت أنه ليس كذلك ، فالحمد لله ، ونسأل الله تعالى أن يجمع بينكما في خير .
وإن ثبت لك أنه بخيل فحينئذ تقارنين بين حسناته وهذه الصفة ، وهل بخله شديد بحيث يتعذر عليك الحياة معه ، أم هو شيء يسير يمكن التجاوز عنه ؟
واعلمي أن الشيطان قد يوسوس للإنسان ليصده عن الخير الذي أمامه ، فأكثري الاستعاذة من الشيطان الرجيم ، وأكثري من دعاء الله تعالى أن ييسر لك الخير ويلهمك رشدك .
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة