تنزيل
0 / 0

إشكال في وسوسة إبليس لآدم عليه السلام بالخلود إن أكل من الشجرة

السؤال: 233809

نعلم أن الجنة التي كان فيها آدم وحواء فيها خلود وليس فيها موت ، فكيف يغريهم إبليس إن أكلا من الشجرة سيكونا من الخالدين وهو معلوم أنهم سيكونا خالدين حتى إن لم يأكلا من الشجرة ؟

ملخص الجواب

فالحاصل : أن الله عز وجل إنما وعد عباده بالخلود في الجنة بلا موت : إذا هم قاموا إليه ، بعد ما مروا بتجربة الاختبار في هذه الدنيا . وليس في شيء من نصوص الشرع أن الله وعد آدم بذلك ، من أول الأمر ، ولا أنه ضمنه له ، بل فيها ما يشير إلى أنه قد يخرج منها فعلا ، إذا خالف عهد الله له بعدم الأكل من الشجرة، ولذلك خلقه الله : أن تتم عليه ، وعلى ذريته تجربة الابتلاء والاختبار في هذه الدنيا ، كما قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة /30 . حتى إذا انقضت هذه الدار ، وقام الناس لرب العالمين : ثبت الخلود في جنة النعيم ، لآدم عليه السلام ، ومن آمن من ذريته ، خلود بلا موت ، ولا خروج ، هذه المرة . والله أعلم .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ليس من شك في أن الجنة التي أسكنها الله آدم : هي جنة الخلد ، وعلى ذلك دلت نصوص
الكتاب والسنة ، واتفق سلف الأمة وأئمتها .
ينظر ” مجموع الفتاوى ” لشيخ الإسلام (4 / 347) .
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم : (218371) .

ثانيا :
لا تعارض بين ما سبق ، وبين ما أخبرنا الله به من أنّ إبليس أغوى آدم ، ووسوس له
بالخلود إن أكل من الشجرة ؛ كما قال الله تعالى : ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا
الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ
مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ
أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ) الأعراف /20 .

وإنما كان يرد الإشكال في أحوال :
الأولى :
أن يكون آدم عليه السلام ، قد علم ـ قبل أن يوسوس له إبليس ـ أن هذه الجنة التي
يسكنها ، هي جنة الخلد ، وليس عندنا خبر بأن آدم عليه السلام كان يعلم ذلك .

الثانية :
أن يكون آدم عليه السلام قد علم أنها جنة الخلد ، وأن الله وعده ألا يخرج منها ؛
فقد يكون علم أن هذه حقا هي جنة الخلد ، لكن لا يمنع ذلك أن يخرج منها ، ثم يعود
إليها بعد أمد ، يعلمه الله ، كما قد حصل ذلك فعلا ، وكان هذا هو ما قدره الله عليه
؛ فحينئذ لا إشكال في إغواء إبليس له ، أنه لن يخرج من هذه الجنة ، بل سيبقى فيها ،
إن أكل من هذه الشجرة .
وقد قال الله تعالى : ( فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ
فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ
فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) طه/117-119
.
ففي هذه الآية ضمان أن أمنه ـ في الجنة ـ من الجوع والعري ، والعطش والضَّحَى ؛ لكن
ليس فيها أن الله ضمن له الخلود ، من غير موت ، أو ضمن له أن يبقى فيها ، ولا يخرج
، بل في هذه الآيات إشارة إلى أنه سوف يمر بتجربة ابتلاء واختبار ، وحذره من أسباب
الخروج من الجنة ، وبين له ما يلقاه ، إن هو خرج منها .

الثالثة :
أن يكون آدم عليه السلام ، قد علم أن الخلود مضمون له ، من غير أن يأكل من هذه
الشجرة ؛ فقد يكون آدم عليه السلام علم أن هذه الجنة هي جنة الخلد ، لكن الخلود
فيها يتطلب سببا آخر ، سوى مجرد دخوله إليه ، فأغواه الشيطان ، ووسوس له أن سبب
خلوده فيها ، هو أكله من هذه الشجرة . قال تعالى : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ
الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ
لَّا يَبْلَى ) طه /120 .

الرابعة :
أن يكون على علم بذلك كله ، ثم لا ينساه ؛ فأما إذا نسيه ، أو أنساه الشيطان ذكر
ذلك ، فلا مانع أن يغويه ، ويوسوس له في لحظة ذهوله عنه ، ونسيانه له . وقد وصف
الله آدم عليه السلام بأنه نسي عهده له ألا يقرب هذه الشجرة ، قال تعالى : (
وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا
حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ
الظَّالِمِينَ ) ، وقال تعالى أيضا : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ
فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) طه /115 .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android