تنزيل
0 / 0
39,81423/12/2015

هل يكفر من يحب المعصية وانتشارها ؟

السؤال: 238025

هل الفرح وحب انتشار المعاصي والكفر ، وأن يريد الإنسان أن تقع وتنتشر ، هل هذا كفر ؟ ومتى يكون كفرا ومتى لا يكون كفرا ؟

ملخص الجواب

والخلاصة : أن هناك فرقا بين من يحب أن يقع الكفر وينتشر ، وبين من يشتهي المعصية ، ويحب أن تتيسر له ، ويحب وقوع المعصية وانتشارها . فمحبة وقوع الكفر وانتشاره كفر مخرج عن الإسلام ، فإن كانت ممن يدعي الإسلام فهو منافق نفاقا أكبر . وأما محبة وقوع المعصية وانتشارها : فإن كان ذلك بسبب الهوى وميل النفس لها : فهذا دليل على نقص الإيمان ، ولكنه ليس كفرا . وإن كان ذلك كراهية لشرع الله وحكمه ، أو تفضيله لغيره من الأحكام والملل والشرائع عليه : فهو كفر أكبر مخرج من الملة . والله أعلم .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا كان المسلم راضيا بأحكام الله ومذعنا لها ، لا اعتراض عنده على قبولها ، ولكن
ضعْف إيمانه يدعوه إلى ارتكاب بعض المعاصي ، ودعوة الناس إليها : فمثل هذا لا يكفر
؛ ويكون عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه وأطاعه ، كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ
تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى
ضَلَالَةٍ ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا
يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم (2674) .
وقال تعالى : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ
أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ )
سورة النحل / 25 .
مثال ذلك : مدمن الخمر ، فلا يصح القول بأن مدمن الخمر ، والمحب لها ، الذي يدعو
بعض أصحابه ليشربها معه ، أو يجلبها ، أو يبيعها لهم لا يصح القول بأن هذا يحب أن
يُعصى الله في الأرض ، ثم نخرجه من دائرة الإسلام إلى الكفر .
وينظر جواب السؤال : (148099) .
ثانيا :
إذا كان الرجل يحب أن يُعصى الله في الأرض ، ويُسَر بانخفاض دين الإسلام وأهله ، أو
كان يرد حكم الله ، أو يعترض على تحريم ما حرم الله ، أو يحب الكفر ، أو يفرح بظهور
الكفر وأهله : فهذا هو الكافر ؛ ولا يكون ذلك إلا من عدو للدين ، ومبغض لما جاء به
الرسول صلى الله عليه وسلم .
وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام: ” الخامس : من أبغض شيئا مما
جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولو عمل به ، فقد كفر ؛ لقوله تعالى : (ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) ” انتهى .
وانعقد الإجماع على كفر من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما
نقله صاحب ” كشاف القناع ” (6/168) ، وغيره .
ثالثا :
بناء على ما سبق يتبين الفرق بين محبة المعصية – من جهة ميل النفس الأمارة بالسوء ،
وتزيين الشيطان – وبين محبة أن يُعصى الله في الأرض ، وكراهة ما شرع لعباده .
ويشبه هذا : من يكره بعض التكاليف الشرعية لما فيها من مشقة عليه ، فهذا لا يكفر ،
بخلاف من كرهها لأنها أمر الله وشرعه .
وإليك بعض النقول التي تزيد من إيضاح المسألة :
قال البغوي رحمه الله : ” وقوله تعالى: ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ
كُرْهٌ لَكُمْ ) قال بعض أهل المعاني : هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه ، لما فيه
من مؤنة المال ، ومشقة النفس ، وخطر الروح ؛ لا أنهم كرهوا أمر الله تعالى ” انتهى
من ” تفسير البغوي ” (1/204) .
قال الشيخ ابن عثيمين في فوائد قوله تعالى ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) :
” ومنها: أنه لا حرج على الإنسان إذا كره ما كتب عليه ؛ لا كراهته من حيث أمر
الشارع به ؛ ولكن كراهته من حيث الطبيعة ؛ أما من حيث أمر الشارع به فالواجب الرضا
، وانشراح الصدر به ” انتهى من ” تفسير القرآن لابن عثيمين ” .
وقال رحمه الله في موضع آخر : ” وقوله: (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) : يجب أن تعلم أن
الضمير في قوله: (وَهُوَ) يعود على القتال ، وليس يعود على الكتابة، لأن الصحابة
رضي الله عنهم لايمكن أن يكرهوا فريضة الله ، لكن يكرهون القتل ، ويقاتلون ،
فيقتلون .
وفرق بين أن يكره الإنسان حكم الله ، أو أن يكره المحكوم به ” .
انتهى من “مؤلفات الشيخ ابن عثيمين” (2/ 438) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ” من النفاق ما هو أكبر ، ويكون صاحبه في الدرك الأسفل
من النار ؛ كنفاق عبد الله بن أبي وغيره ؛ بأن يظهر تكذيب الرسول ، أو جحود بعض ما
جاء به ، أو بغضه ، أو عدم اعتقاد وجوب اتباعه ، أو المسرة بانخفاض دينه ، أو
المساءة بظهور دينه ، ونحو ذلك : مما لا يكون صاحبه إلا عدوا لله ورسوله .
وهذا القدر كان موجودا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما زال بعده ؛ بل هو
بعده أكثر منه على عهده ؛ لكون موجبات الإيمان على عهده أقوى ، فإذا كانت مع قوتها
، وكان النفاق معها موجودا ، فوجوده فيما دون ذلك أولى .
وكما أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم بعض المنافقين ، ولا يعلم بعضهم ، كما بينه
قوله : (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم
نحن نعلمهم) ؛ كذلك خلفاؤه بعده وورثته : قد يعلمون بعض المنافقين ولا يعلمون بعضهم
.
وفي المنتسبين إلى الإسلام من عامة الطوائف منافقون كثيرون ، في الخاصة والعامة ،
ويسمون ” الزنادقة ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (28/434).

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android