العمل في الأماكن المختلطة وتأجيل الإنجاب لوجود مصلحة تقتضي ذلك
السؤال: 238140
حصلت على قرض دراسي حكومي للدراسة في الجامعة في بريطانيا ؛ لتغطية نفقاتي ، حيث كنت أجهل حينها الحكم الشرعي ، وحسب القانون لا يتوجب علي البدء بسداد القرض إلا بعد أن يصل مستوى دخلي إلى حد معين ، وعلى الرغم من عدم وصولي لهذا الحد إلا إنني أسدد على شكل دفعات هذا القرض بشكل اختياري للتخلص من الدين ، وأنا أخطط للزواج في السنة القادمة ، لذا أريد أن اسأل إن كان يجوز لي تأخير مسألة الحمل بعد الزواج من خلال حبوب تنظيم الحمل إلى أن أتمكن من سداد كامل الدين ؟
لأنه بمجرد حملي ووجود أطفال لدي سيمنعني من مواصلة عملي الذي يتطلب قدرة بدنية ، وبالتالي لن أتمكن من الحصول على دخل يكفي لسداد الدين ، فضلاً على أنه ليس من العدل أن أحمل زوجي مثل هذا الدين ، وما حكم عملي حيث أعمل في بيئة عمل مختلطة ، ولكن ثيابي محتشمة ولكنني لا ألبس العباية أو النقاب وأتعامل مع الرجال بشكل محترم ورسمي مع العلم أنني أعمل لتغطية نفقاتي ونفقات عائلتي ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إن كان هذا القرض الذي أخذتيه قرضا ربويا فإنه محرم ، لكن نرجو أن لا يلحقك بسببه
إثم ، لأنك لم تكوني تعلمين تحريمه ، وكونك تبادرين إلى سداد القرص قبل موعده حتى
تتخلصي من الربا وآثاره : فهذا أمر مستحب ، وهو الأفضل , وقد سبق بيان ذلك في
الفتوى رقم 🙁85562).
ثانيا:
تأجيل الحمل باتفاق الزوجين لمصلحة معتبرة أمر جائز , وقد سبق بيان جوازه في الفتوى
رقم : (220804).
وعليه فيجوز لك تأجيل الحمل لفترة تتمكنين فيها من العمل لتسديد ديونك.
ثالثا:
الحجاب الشرعي له مواصفات سبق بيانها في الفتوى رقم : (6991)
، من استكملها فقد وافق الأمر الشرعي في لبس الحجاب ، ومن نقص منها فقد خالف الأمر
الشرعي بقدر ما نقص .
ومعلوم أن المرأة المسلمة مطالبة بهذا الحجاب امتثالا لأمر ربها في الحجاب ، وفرارا
من نهيه تعالى عن التبرج ، كفعل نساء الجاهلية الأولى ، قال تعالى : ( وَلَا
تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) الأحزاب/ 33 ، وقال سبحانه : (
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا
يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/ 59.
وقد اختلف أهل العلم في وجوب
النقاب ، فمنهم من أوجبه ، ومنهم من جعله من جملة المستحبات ، والمفتى به في الموقع
وجوبه كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (21134).
رابعا:
الاختلاط المحرم : هو اجتماع الرجال مع النساء في مكان واحد ، مع عدم الانضباط
بالضوابط الشرعية ، من لباس شرعي ، وغض للبصر ، وعدم خضوع بالقول ، ونحو ذلك .
فإن حدث اجتماع بين الرجال والنساء في مكان واحد ، ووجد شيء من هذه المخالفات :
فهذا الاختلاط محرم ، وهو ذريعة قوية للزنا والفواحش ، وتخريب بيوت المسلمين .
وقد سبق الحديث مفصلا عن مخاطر الاختلاط المنفلت ، وأثره في فساد الدين والدنيا ،
في الفتوى رقم : (1200).
وبناء على ذلك : فإن الذي ننصحك به هو أن تبحثي عن عمل بعيد عن أجواء الاختلاط
الفاسدة المفسدة .
فإن لم يتيسر لك ذلك ، وكنت بحاجة إلى هذا العمل الحالي لسداد حاجاتك : فعليك أن
تلتزمي الضوابط الشرعية ، التي من أهمها الحجاب الشرعي ، وغض البصر وعدم الخضوع
بالقول , وعدم الحديث مع الرجال مطلقا ، إلا في حدود ما يخص العمل.
على أن تستمري في البحث عن عمل يخلو من الاختلاط ، أو يقل فيه جدا .
وراجعي للفائدة الفتوى رقم : (103248)
ففيها أن المرء إذا بذل ما في وسعه من البحث والتحري ، ولم يجد مكانا لدراسته إلا
في المدارس أو الجامعات المختلطة ، أو لم يجد وظيفة في بلده تتناسب مع إمكاناته
ومؤهلاته إلا في أماكن مختلطة ؛ فله أن يدرس في هذه الجامعات التي لم يجد بدلا عنها
، وأن يعمل في مكان مختلط إذا لم يجد غيره ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا
اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .
لكن ذلك لا يبيح له التوسع في مخالطة الجنس الآخر في هذه الأماكن ، والترخص في
الحديث معه ، وإنما تقدر الضرورة بقدرها ، وليجتهد في غض بصره ، وكف نفسه عن فضول
النظر ، والكلام ، والمخالطة ، إلا في حدود الضرورة التي يتطلبها عمله أو دراسته .
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة