0 / 0
17,26604/01/2016

هل تجب النفقة على الأب للبنت الكافرة أو العاصية المحتاجة ؟

السؤال: 238693

هل تكون النّفقة واجبة على أب تركته ابنته وذهبت لتعيش عند أمّها المرتدّة ؟
مع العلم بأنّ هذه البنت عمرها 18 عاماً ، وتركت فرائض الدّين من صلاة وزكاة وصوم…إلخ. ولعلّكم تعلمون أنّ قانون البلاد الّتي نقيم فيه حاليّاً أمريكا يرفع النّفقة عن الأب عند بلوغ الولد أو البنت سن الثامنة عشر ، فهل يستمر الأب دفع النّفقة أو دعم هذه البنت ماديّاً إذا سألته ابنته هذه مساعدة ماليّة في المستقبل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يجب على الأب الموسر أن ينفق على ابنته حتى تتزوج ، إذا لم يكن لها مال تنفق منه على نفسها ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (13464).
فعلم من هذا أن ابنتك هذه إن كانت محتاجة ، وطلبت منك المساعدة : فيجب عليك أن تعطيها، لأنك إنما تعطيها بالرحم ، لا بالاستقامة على الدين .
وقد أمر الله تعالى بصلة الرحم عموما ، فقال تعالى : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) النساء/ 1 .
قال الخطابي : ” الرَّحِم الْكَافِرَة : تُوصَلُ مِنَ الْمَالِ وَنَحْوِهِ ، كَمَا تُوصَلُ الْمُسْلِمَةُ ” .
انتهى من ” فتح الباري ” لابن حجر (5 / 234).

فإن قيل : فقد نهى الله تعالى عن موادة من حاد الله ورسوله ؟
قيل : البر والصلة والإحسان بالمال ، لا سيما عند الحاجة : لا يستلزم الموادة والتحاب .
قال ابن حجر في ” فتح الباري ” (5 / 233) : ” ثُمَّ الْبِرُّ وَالصِّلَةُ وَالْإِحْسَانُ : لَا يَسْتَلْزِمُ التَّحَابُبَ وَالتَّوَادُدَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يوادون من حاد الله وَرَسُوله ) الْآيَةَ” انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في ” أحكام أهل الذمة ” (2 / 792) : ” والذي يقوم عليه الدليل : وجوب الإنفاق ، وإن اختلف الدينان ، لقوله تعالى : ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) [العنكبوت: 8] ، ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ) [لقمان: 15] ، وليس من الإحسان ولا من المعروف ، ترك أبيه وأمه في غاية الضرورة والفاقة، وهو في غاية الغنى !!
وقد ذم الله – تبارك وتعالى – قاطعي الرحم ، وعظم قطيعتها، وأوجب حقها وإن كانت كافرة، قال تعالى: ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) [النساء: 1] ، وقال تعالى: ( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) [الرعد: 25] ، وفي الحديث: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) ، ( والرحم معلقة بساق العرش تقول: يا رب، صل من وصلني، واقطع من قطعني) .
وليس من صلة الرحم : ترك القرابة تهلك جوعا، وعطشا، وعريا، وقريبه من أعظم الناس مالا ، وصلة الرحم واجبة ، وإن كانت لكافر، فله دينه ، وللواصل دينه .
وقياس النفقة على الميراث : قياس فاسد ؛ فإن الميراث مبناه على النصرة والموالاة ، بخلاف النفقة ؛ فإنها صلة ومواساة من حقوق القرابة ، وقد جعل الله للقرابة حقا – وإن كانت كافرة – فالكفر لا يسقط حقوقها في الدنيا، قال الله تعالى: ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم ) [النساء: 36] . وكل من ذكر في هذه الآية فحقه واجب ، وإن كان كافرا، فما بال ذي القربى وحده يخرج من جملة من وصى الله بالإحسان إليه ؟
ورأس الإحسان الذي لا يجوز إخراجه من الآية هو الإنفاق عليه عند ضرورته وحاجته ، وإلا ؛ فكيف يوصى بالإحسان إليه في الحالة التي لا يحتاج إلى الإحسان ؛ ولا يجب له الإحسان أحوج ما كان إليه؟!
والله – سبحانه وتعالى – حرم قطيعة الرحم ، وإن كانت كافرة ؛ وتركُ رحمه يموت جوعا، وعطشا، وهو من أغنى الناس ، وأقدرهم على دفع ضرورته : أعظم قطيعة ” انتهى.

والنصيحة لك أن تحتسب في هذا الإنفاق نية تأليف قلبها على الاستقامة على أمر الله جل وعلا ، وأن تذكرها دائما بالله تعالى وثوابه العظيم لمن أطاعه واتقاه ، وعقابه الأليم لمن خالف أمره وتعدى حدوده .
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android