عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلاَ تَحَسَّسُوا وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ تَنَافَسُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ) .
قرأت في عدة فتاوى أن التنافس في الأمور الدنيوية حلال ؟ فكيف ذلك والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ” ولا تنافسوا ” ، مع ذكر الأدلة إن أمكن ؟
تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَلاَ تَنَافَسُوا ) ، وأحكام المنافسة .
السؤال: 238965
ملخص الجواب
والخلاصة : أن التنافس على الدنيا : إذا أدى إلى التكبر والبغي والحسد ، أو شغل عن أمور الآخرة : فهو تنافس مذموم . إما إذا كان التنافس فيها على أمر مباح، لا يؤدي إلى مذموم بالشرع : فهو تنافس مباح لا حرج فيه ، وقد يكون في بعض الأحوال مستحبا . وقد أجمل الحافظ ابن حجر رحمه الله أحكام المنافسة في قوله في "الفتح" (1/ 167) : " التنافس : إِنْ كَانَ فِي الطَّاعَةِ فَهُوَ مَحْمُود ، وَمِنْه (فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ)، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ ، وَمِنْهُ (وَلَا تَنَافَسُوا)، وَإِنْ كَانَ فِي الْجَائِزَاتِ : فَهُوَ مُبَاحٌ " انتهى . ففي هذا : أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التنافس ليس المراد به كل أنواع المنافسة . والله أعلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى مسلم (2563) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا) .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأن يكونوا إخوة متحابين ، ونهاهم عما يفسد عليهم هذه المحبة : من سوء الظن ، والتجسس ، والتنافس على الدنيا ، والتحاسد ، والتباغض والتدابر .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
” قوله : ( ولا تَنَافَسُوا ) الْمُرَادُ بِهِ التَّنَافُسُ فِي الدُّنْيَا، وَمَعْنَاهُ طَلَبُ الظُّهُورِ فِيهَا عَلَى أَصْحَابِهَا ، وَالتَّكَبُّرُ عَلَيْهِمْ ، وَمُنَافَسَتُهُمْ فِي رِيَاسَتِهِمْ ، وَالْبَغْيُ عَلَيْهِمْ ، وَحَسَدُهُمْ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْهَا .
وَأَمَّا التَّنَافُسُ وَالْحَسَدُ عَلَى الْخَيْرِ ، وَطُرُقِ الْبِرِّ : فَلَيْسَ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ ” .
انتهى من التمهيد (18/ 22) .
فإذا أدت المنافسة إلى محرم ، أو شغلت عن واجب : فهي حرام منهي عنها.
روى البخاري (3158) ، ومسلم (2961) عن عَمْرَو بْن عَوْفٍ الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( وَاللَّهِ لاَ الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” التَّنَافُسُ مِنَ الْمُنَافَسَةِ ، وَهِيَ الرَّغْبَةُ فِي الشَّيْءِ وَمَحَبَّةُ الِانْفِرَادِ بِهِ وَالْمُغَالَبَةُ عَلَيْهِ ، وَأَصْلُهَا مِنَ الشَّيْءِ النَّفِيسِ فِي نَوْعِهِ .
قَوْلُهُ (فَتُهْلِككُمْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ مَرْغُوبٌ فِيهِ ، فَتَرْتَاحُ النَّفْسُ لِطَلَبِهِ فَتُمْنَعُ مِنْهُ ، فَتَقَعُ الْعَدَاوَةُ الْمُقْتَضِيَة للمقاتلة ، المفضية إِلَى الْهَلَاك ، قَالَ ابن بَطَّالٍ: فِيهِ أَنَّ زَهْرَةَ الدُّنْيَا يَنْبَغِي لِمَنْ فُتِحَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهَا ، وَشَرِّ فِتْنَتِهَا، فَلَا يَطْمَئِنُّ إِلَى زُخْرُفِهَا وَلَا يُنَافِسُ غَيْرَهُ فِيهَا ” انتهى من ” فتح الباري ” (11/ 245) .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب