أرجو المساعدة في فهم هذه المسألة: سمعت شيخا يقول : إن هناك فرقا بين المسائل الظاهرة وبين المعلوم من الدين بالضرورة ، فالأولى هي الأمور التي انتشر علمها عند أكثر الناس ، أما المعلوم من الدين بالضرورة فهي الأمور التي يعلمها كل المسلمين ، ولا يجهلها أحد يعيش بينهم ، إلا حديث العهد بالإسلام ، فهل هذا التفريق صحيح ؟ وهل قال به أحد السلف ؟ أم أن المعنى واحد وهو أن ما انتشر علمه عند أكثر الناس هو من المسائل الظاهرة ، وهو أيضا المعلوم من الدين بالضرورة، وهو الذي يكفر من أنكره حتى لو لم يعلم الحكم إن كان يعيش بين المسلمين ؛ لأنه مقصر لم يبحث عن الحكم؟
الفرق بين المسائل الظاهرة والمعلومة من الدين بالضرورة
السؤال: 239023
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
المعلوم من الدين بالضرورة : هو ما يعرفه العلماء والعامة من غير افتقار إلى نظر واستدلال، ومن غير قبول للتشكيك ، وذلك كوجوب الصلوات الخمس ، وتحريم الخمر والزنا، فالتحق بالضروريات، لذلك.
قال الجلال المحلي: ” وهو ما يعرف منه الخواص والعوام من غير قبول للتشكيك فالتحق بالضروريات كوجوب الصلاة والصوم وحرمة الزنا والخمر” .
انتهى من شرحه على جمع الجوامع (2/238).
وقال المرداوي رحمه الله : ” ومعنى كونه معلوماً بالضرورة أن يستوي خاصة أهل الدين وعامتهم ، في معرفته ، حتى يصير كالمعلوم بالعلم الضروري ، في عدم تطرق الشك إليه ، لا أنه يستقل العقل بإدراكه ، فيكون علماً ضرورياً .
كأعداد الصلوات ، وركعاتها ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، وزمانها ، وتحريم الزنا ، والخمر ، والسرقة ، ونحوها ” انتهى من “التحبير شرح التحرير” (4/1680).
وقال ابن حجر الهيتمي: ” وقوله: فما القدر المعلوم من الدين بالضرورة ؟
جوابه : أنه قد سبق ضابطه، وهو أن يكون قطعياً مشهوراً بحيث لا يخفى على العامة المخالطين للعلماء، بأن يعرفوه بداهة من غير افتقار إلى نظر واستدلال، ولذلك مثل منها في الاعتقادي:
وحدانية الله تعالى ، وتفرُّده بالألوهية وتنزهه عن الشريك وسمات الحادثات كالألوان، وتفرده باستحقاق العبودية على العالمين، وبإيجاد الخلق، وحياته وعِلْمه وقدرته وإرادته ، وإنزاله الكتب ، وإرساله للرسل ، وأنَّ له عباداً مكرمين وهم الملائكة ، وأنه يحيي الموتى ويحشرهم إلى دار الثواب والعقاب ، وأن المؤمنين مُخلَّدون في الجنة ، والكافرين مُخلَّدون في النار ، وأن العالَم حادث، وأنه تعالى محيط بالجزئيات كالكليات ، وغير ذلك من كل خبر نص عليه القرآن ، والسنة المتواترة نصَّاً لا يحتمل التأويل ، أو اجتمعتْ الأمة على أن ذلك هو معناه ، وعُلِم من الدين بالضرورة .
ومنها في العملي: وجوب الوضوء والغسل من الجنابة والتيمم وانتقاض الطهارة بنحو البول ، وحصول الجنابة بنحو الجماع والحيض ، ووجوب الصلوات الخمس وعدد ركعاتها ، ووجوب نحو الركوع والسجود فيها ، وبطلانُها بتعمدُّ نحو الحدث ، ووجوب الجمعة بشروطها ، ووجوب الزكاة في الأنعام والزرع والنقود …
فالاعتقادي بأقسامه السابقة ، والعملي بأقسامه الثلاثة ؛ يعني ما قلنا : إنه واجب أو حلال أو حرام، معلوم من الدين بالضرورة ، من حيثُ أصل كل منها ، وإن وقع خلاف في بعض تفاصيل صور من العملي .
فمنْ أنكر واحداً منها بالكلية ، أو اعتقد وجوب ما ليس بواجب بالإجماع ، كصلاة سادسة ، اعتقد أنَّ وجوبَها كوجوب الخمس، فخرج نحو الوتر، أو أنكر مشروعية السنن الراتبة ، أو صلاة العيدين أو أنكر بقية الصلاة ، زاعماً أنها لم ترد إلا مُجْملة كَفَر” انتهى من “الفتاوى الحديثية” ، ص141
ثانيا:
أما المسائل الظاهرة ، فهذا يعبر به بعض أهل العلم عما لا يعذر فيه الإنسان بالجهل، ولا يخرج كلامهم وأمثلتهم عن المسائل المعلومة بالضرورة .
لكن قد تكون المسألة ظاهرة منصوصا عليها، وليست من المعلوم بالضرورة الذي لا يقبل التشكيك، ولكن يستوي الحكم في ذلك، فيكفر منكرها ، كما يكفر منكر المعلوم بالضرورة.
قال المرداوي في تتمة كلامه السابق:
” وإن لم يكن معلوماً من الدين بالضرورة ، ولكن منصوص عليه مشهور عند الخاصة والعامة، فيشارك القسم الذي قبله في كونه منصوصاً ، ومشهوراً ، ويخالفه من حيث إنه لم ينته إلى كونه ضرورياً في الدين: فيكفر به جاحده أيضاً .
وإن لم يكن منصوصاً عليه؛ لكنه بلغ ، مع كونه مجمعاً عليه ، في الشهرة : مبلغ المنصوص ، بحيث تعرفه الخاصة والعامة : فهذا أيضاً يكفر منكره ، في أصح قولي العلماء ، حكاها الأستاذ أبو إسحاق وغيره ؛ لأنه يتضمن تكذيبُهم تكذيبَ الصادق .
وقيل : لا يكفر لعدم التصريح بالتكذيب.
وإن لم يكن منصوصاً عليه ، ولا بلغ في الشهرة مبلغ المنصوص ؛ بل هو خفي ، لا يعرفه إلا الخواص ، كإنكار استحقاق بنت الابن السدس مع البنت ، وتحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالاتها ، أو إفساد الحج بالوطء قبل الوقوف بعرفة ، ونحوه : فهذا لا يكفر جاحده ولا منكره، لعذر الخفاء ، خلافاً لبعض الفقهاء في قوله : إنه يكفر ؛ لتكذيبه الأمة . ورُد : بأنه لم يكذبهم صريحاً ، إذا فرض أنه لم يكن مشهوراً ، فهو مما يخفى على مثله .
فهذا تحقيق هذه المسألة وتحريرها ، وقد حرره أئمة الشافعية” .
انتهى من ” التحبير شرح التحرير ” (4/1680).
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يستعمل عبارة “المسائل الظاهرة” وكثيرا ما يقرنها ب: المتواترة، أو بالمجمع عليها، فتكون بذلك مساوية للمعلوم من الدين بالضرورة.
ومن ذلك قوله: ” ولهذا يكفر جاحد الأحكام الظاهرة المجمع عليها وإن كان عاميا، دون الخفية” انتهى من ” المستدرك على مجموع الفتاوى ” (2/ 254).
وقوله: ” وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ: كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ أَوْ جَحْدِ تَحْرِيمِ بَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ: كَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالزِّنَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. أَوْ جَحْدِ حِلِّ بَعْضِ الْمُبَاحَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ: كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالنِّكَاحِ ؛ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ ، يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلَّا قُتِلَ .
وَإِنْ أَضْمَرَ ذَلِكَ كَانَ زِنْدِيقًا مُنَافِقًا لَا يُسْتَتَابُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ بَلْ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ مِنْهُ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (11/405).
وسيأتي عن النووي رحمه الله أن من المسائل ما هو مجمع عليه ، لكن لا يعلمه إلا الخاصة، ككون القاتل عمدا لا يرث، فهذا لا يعتبر من المسائل الظاهرة ؛ فضلا عن أن يكون من المعلوم بالضرورة .
فالحاصل أن المسائل أنواع:
1-المسائل المعلومة بالضرورة، وهي المسائل المجمع عليها التي يعلمها العامة والخاصة، ولا تقبل التشكيك، وهذه لا تكون إلا ظاهرة.
2-وهناك مسائل ظاهرة مجمع عليها، لكنها تقبل التشكيك، فلم تنته إلى كونها ضرورية في الدين. وهذه والتي قبلها يكفر منكرها.
3-وهناك مسائل مجمع عليها، وليست ظاهرة، ولا معلومة بالضرورة، أو ليست متواترة، وهذه لا يكفر منكرها.
وقد نبه على هذا غير واحد.
قال النووي رحمه الله: ” أطلق الإمام الرافعي القول بتكفير جاحد المجمع عليه، وليس هو على إطلاقه، بل من جحد مجمعاً عليه ، فيه نص، وهو من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام ، كالصلاة، أو الزكاة، أو الحج، أو تحريم الخمر أو الزنا ونحو ذلك فهو كافر.
ومن جحد مجمعاً عليه لا يعرفه إلا الخواص ، كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب، وتحريم نكاح المعتدة، وكما إذا أجمع أهل عصر على حكم حادثة فليس بكافر؛ للعذر، بل يعرف الصواب ليعتقده.
ومن جحد مجمعا عليه ظاهرا لا نص فيه : فَفِي الْحُكْمِ بِتَكْفِيرِهِ خِلَافٌ يَأْتِي – إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى – بَيَانُهُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ ” انتهى من “روضة الطالبين” (2/ 146).
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله: ” فالمسائل الإجماعية تارة يصحبها التواتر عن صاحب الشرع ، كوجوب الصلاة مثلاً، وتارة لا يصحبها التواتر .
فالقسم الأول : يكفر جاحده لمخالفته التواتر، لا لمخالفته الإجماع .
والقسم الثاني لا يكفر به” انتهى من “إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام” (4/84).
وقال القرافي رحمه الله: ” ولا يعتقد أن جاحد ما أجمع عليه يكفر على الإطلاق، بل لابد أن يكون المجمع عليه مشتهراً في الدين حتى صار ضرورياً، فكم من المسائل المجمع عليها إجماعاً لا يعلمه إلا خواص الفقهاء، فجحد مثل هذه المسائل التي يخفى الإجماع فيها ليس كفراً” .
انتهى من ” الفروق ” (4/ 259).
ثالثا:
ينبغي أن يعلم أن المعلوم بالضرورة- وأحرى المسائل الظاهرة فقط- يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة وأحوال الناس، فما يكون معلوما بالضرورة في زمان أو مكان ولكثير من الناس، قد لا يكون معلوما بالضرورة في زمان أو مكان أو لبعض الناس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” فكون الشيء معلوما من الدين ضرورة أمر إضافي ، فحديث العهد بالإسلام ، ومن نشأ ببادية بعيدة : قد لا يعلم هذا بالكلية ، فضلا عن كونه يعلمه بالضرورة . وكثير من العلماء يعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو ، وقضى بالدية على العاقلة ، وقضى أن الولد للفراش ، وغير ذلك مما يعلمه الخاصة بالضرورة ، وأكثر الناس لا يعلمه ألبتة” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (13/118).
وقال رحمه الله: ” وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ قَدْ يَنْشَأُ فِي الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ الَّذِي يَنْدَرِسُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ عُلُومِ النُّبُوَّاتِ ، حَتَّى لَا يَبْقَى مَنْ يُبَلِّغُ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ، فَلَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا يَبْعَثُ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ ، وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ مَنْ يُبَلِّغُهُ ذَلِكَ ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَكْفُرُ .
وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ ، وَكَانَ حَدِيثَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ ، فَأَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ : فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : ( يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَعْرِفُونَ فِيهِ صَلَاةً وَلَا زَكَاةً وَلَا صَوْمًا وَلَا حَجًّا إلَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ يَقُولُ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ صَلَاةً وَلَا زَكَاةً وَلَا حَجًّا. فَقَالَ: وَلَا صَوْمَ يُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (11/407).
وقد قال مثل هذا في الشرك والاستغاثة بغير الله، ولا شك أن تحريمها من أظهر الأمور المعلومة بالضرورة.
قال رحمه الله : ” علم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن تدعو أحدا من الأموات ، لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم ، لا بلفظ الاستغاثة ولا يغيرها ، ولا بلفظ الاستعاذة ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ، ولا لغير ميت، ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله .
لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين : لم يمكن تكفيرهم بذلك ، حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، مما يخالفه.
ولهذا ما بينت هذه المسألة قط ، لمن يعرف أصل الإسلام ، إلا تفطن وقال: هذا أصل دين الإسلام ” انتهى من “الرد على البكري” (2/ 731).
وسئل رحمه الله: ” ما تقول السادة العلماء أئمة الدين -رضي الله عنهم أجمعين- في قومٍ يُعظِّمون المشايخ، بكون أنهم يستغيثون بهم في الشدائد، ويتضرَّعون إليهم، ويزورون قبورَهم ويُقبِّلونها ويتبرَّكون بترابها، ويُوقِدون المصابيح طولَ الليل، ويتخذون لها مواسم يقدمون عليها من البعد يسمونها ليلةَ المَحْيَا، فيجعلونها كالعيد عندهم، وينذرون لها النذور، ويُصلُّون عندها”.
فأجاب: ” الحمد لله رب العالمين. من استغاث بميِّتٍ أو غائب من البشر بحيثُ يدعوهُ في الشدائدِ والكُرُبات، ويَطلُب منه قضاءَ الحوائج، فيقول: يا سيِّدي الشيخ فلان! أنا في حسبك وجِوارِك؟ أو يقول عند هجوم العدوِّ عليه: يا سيِّدي فلان! يَستوحِيْه ويَستغيثُ به؟ أو يقول ذلك عند مرضِه وفقرِه وغيرِ ذلك من حاجاتِه-: فإن هذا ضالٌّ جاهلٌ ، مشركٌ عاصٍ لله باتفاقِ المسلمين، فإنهم متفقون على أن الميت لا يُدعَى ولا يُطلَب منه شيء، سواءٌ كان نبيًّا أو شيخًا أو غيرَ ذلك”.
إلى أن قال: ” وهذا الشركُ : إذا قامت على الإنسان الحجةُ فيه ولم يَنتهِ، وَجَبَ قتلُه ، كقتلِ أمثالِه من المشركين، ولم يُدفَنْ في مقابرِ المسلمين، ولم يُصَلَّ عليه.
وإمَّا إذا كان جاهلاً لم يَبلُغْه العلمُ، ولم يَعرِف حقيقةَ الشرك الذي قاتلَ عليه النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – المشركين، فإنه لا يُحكَم بكُفْرِه، ولاسِيَّما وقد كَثُر هذا الشركُ في المنتسبين إلى الإسلام.
ومن اعتقدَ مثلَ هذا قُربةً وطاعةً ، فإنه ضَالٌّ باتفاقِ المسلمين، وهو بعد قيامِ الحجة كافر.
والواجبُ على المسلمين عمومًا ، وعلى وُلاةِ الأمور خصوصًا : النهيُ عن هذه الأمور، والزَّجْرُ عنها بكلِّ طريق، وعقوبةُ مَن لم ينتهِ عن ذلك العقوبةَ الشرعيةَ، والله أعلم” .
انتهى من ” جامع الرسائل لابن تيمية “، جمع عزير شمس (3/ 145- 151).
فسواء قيل إن مسائل الشرك من المسائل الظاهرة ، أو من المعلومة بالضرورة، فإن شيخ الإسلام يعذر فيهما الجاهل الذي لم يبلغه العلم، خلافا لما ظنه من ينسب له التفريق في العذر بين المسائل الظاهرة والخافية .
ولأجل ذلك ، نعود فننبه إلى وجوب إقامة الحجة الرسالية ، على الشخص المعين ، قبل الحكم بكفره وردته ، وترتيب ما ينبني على ذلك من الآثار .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” فتجب إقامة الحجة قبل التكفير، وذلك في كل المسائل التي يمكن أن يجهلها الناس، فلا نقسم المسائل إلى مسائل ظاهرة ومسائل خفية؛ لأن الظهور والخفاء أمر نسبي، قد تكون المسألة ظاهرة عندي وخفية عند غيري، فلابد إذاً من إقامة الحجة وعدم التسرع في التكفير؛ لأن إخراج رجل من ملة الإسلام ليس بالأمر الهين، وهناك موانع تمنع من تكفير الشخص وإن قال أو فعل ما هو كفر” انتهى من “لقاءات الباب المفتوح” (48/16) .
وينظر جواب السؤال رقم : (220526) ، ورقم : (215338) ، ورقم : (85102).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الاسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة