0 / 0

حكم تصدق الزوجة من مالها الذي وهبه لها زوجها

السؤال: 239666

زوجة لا تعمل ، ويعطيها زوجها شهريا جزءا من المال خاصا بمصاريف الطعام والشراب ، وجزءا آخر خاصا بطلباتها الشخصية ، أو لتشتري به بعض مستلزمات المنزل من أجهزة خفيفة وغيرها ، وقد سألت زوجها عن الجزء الخاص بها وأنها قد تتصدق منه فلم يعترض ، فهل يجوز أن تتصدق بهذا المال عن أحد أقربائها المتوفين ؟ مع العلم أنها تخجل أن تطلب ذلك نصا من زوجها ، مع أنها تظن أنه لن يرفض ، وهل يأخذ هذا المال حكم هبة من الزوج لزوجته بحيث يصبح ملكا لها تتصرف فيه كيفما شاءت حيث أنها لا تعمل وليس لها دخل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا المال الذي يعطيه هذا الزوج لزوجته : هو ـ في الحقيقة ـ ماله ، باق على ملكه ، وإنما وكلها في الإنفاق منه على نفسها ، ونفقتها واجبة عليه في ماله ، وعلى بيته أيضا ، ولذلك فهو يعطيها هذا الجزء الخاص من مصروف البيت ، لتشتري منه ما تحتاجه ، وتشتري منه ـ أيضا ـ ما يحتاجه البيت من الأجهزة الخفيفة ، ونحو ذلك .
وحينئذ ؛ فالذي ننصح به هذه الزوجة أن تحفظ مال زوجها ، وتنفق منه في حاجة بيتها ، وشراء ما يلزم له ، والإنفاق على نفسها ، وأهل بيتها .
ثم إن أرادت أن تتصدق ، فلا تتصدق من ذلك بشيء إلا بإذن زوجها ، أو بالشيء اليسير الذي جرى به عرف مثلهم أن يتصدقوا به ، أو ما تعلم ـ من عادة زوجها ـ أنه يأذن فيه .
وقد ذكرتِ أن زوجك أذن لك في الصدقة بشيء منه ، فلا حرج عليك إن تصدقت عن أحد أقاربك المتوفين ، ولا يشترط أن يعرف الزوج مصرف الصدقة بالتحديد ، بل يكفي الإذن العام بالصدقة .
على أن تكون هذه الصدقة بالقدر الذي لا يضر الزوج ولا يؤثر على نفقات البيت .
فإذا التزمت الزوجة بأدب الشرع في ذلك : كان لها أجر ، ولزوجها أجر ، على هذه الصدقة :
روى البخاري (1440) ، ومسلم (1024) ـ واللفظ له ـ : عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا ، وَلَهُ مِثْلُهُ، بِمَا اكْتَسَبَ ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) .
وقد ترجم عليه الإمام البخاري في “صحيحه” : ( بَابُ أَجْرِ المَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ، أَوْ أَطْعَمَتْ، مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ ) .
فقيد الجواز : بالإصلاح ، وعدم إفساد مال زوجها .
وفي ترجمة أخرى : قيده بـ”أمر صاحب المال” ، فقال :
” بَابُ أَجْرِ الخَادِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ ” .
وجاءت ترجمة الحديث في “صحيح مسلم” هكذا :
( بَابُ أَجْرِ الْخَازِنِ الْأَمِينِ، وَالْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ بِإِذْنِهِ الصَّرِيحِ أَوِ الْعُرْفِيِّ ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” قال ابن العربي : اختلف السلف فيما إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها ؛ فمنهم من أجازه لكن في الشيء اليسير الذي لا يؤبه له ، ولا يظهر به النقصان . ومنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج ، ولو بطريق الإجمال . وهو اختيار البخاري ، ولذلك قيد الترجمة بالأمر به، ويحتمل أن يكون ذلك محمولا على العادة .
وأما التقييد بغير الإفساد فمتفق عليه .
ومنهم من قال : المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن : النفقة على عيال صاحب المال ، في مصالحه ؛ وليس ذلك بأن يفتئتوا على رب البيت ، بالإنفاق على الفقراء بغير إذن . ” .
انتهى من “فتح الباري” (3/303) .
وإن تميز حقها من هذا المال ، وتميزت بشيء منه لنفسها ، ولم يكن لأجل نفقة يتعلق بها حق الزوج ، مثل نفقتها على زينتها ، ونحو ذلك ، مما يطلبه الزوج ، ويتعلق به حقه فإذا تميز حقها على هذا الوجه ، فلها أن تنفق منه ، كيف شاءت ، ولها أن تتصدق منه ، خاصة إذا علمت أن نفس زوجها تطيب بمثل هذه الصدقة .
ولها أيضا أن تعطي منه أقاربها ، أو تتصدق عمن مات منهم ، من غير أن تصرح بذلك للزوج .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ـ كما في الموضع السابق من “فتح الباري” :
” ومنهم من فرق بين المرأة والخادم ، فقال : المرأة لها حق في مال الزوج ، والنظر في بيتها؛ فجاز لها أن تتصدق ، بخلاف الخادم ، فليس له تصرف في متاع مولاه ، فيشترط الإذن فيه.
وهو متعقب بأن المرأة : إذا استوفت حقها ، فتصدقت منه : فقد تخصصت به .
وإن تصدقت من غير حقها : رجعت المسألة كما كانت . والله أعلم ” انتهى .
فبين أن الرخصة للمرأة ، وإطلاق يدها في الصدقة : إنما يكون فيما يتمحض لها ، وتتخصص به ، لا فيما كان باقيا على ملك زوجها ، أو تعلق به حقه ، أو حق عياله .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : ” يجوز للمرأة أن تخرج من مالها الخاص صدقة عن أقاربها الأموات لوجه الله سبحانه وتعالى ، وليعود ثوابها ونفعها إليهم ؛ لأنها تتصرف من مالها ، وهي حرة في مالها في حدود ما شرعه الله ، والصدقة عمل صالح ويصل ثوابها إلى من تصدق عنه إذا تقبلها الله .
أما أن تتصدق من مال زوجها وهو لا يمنع من ذلك وعرفت من زوجها ذلك ، فلا مانع ، أما إذا كان زوجها يمنع من ذلك فهذا لا يجوز” انتهى من “المنتقى من فتاوى الفوزان ” .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (48952) .
على أن الأفضل لها ، والأولى بها : أن تتصدق عن نفسها ، وعن زوجها ، الذي هو صاحب المال أصالة ، ثم تدعو لأقاربها الموتى ، فهذا أفضل لها من أن تتصدق عنهم .
ولو تصدقت عنهم بالشيء اليسير، أو بين الحين ، والحين : فلا بأس ، إن شاء الله .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android