ما صحة هذا الحديث القدسي : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ” بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ إِذْ رَأَيْتُهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ ، فَقِيلَ لَهُ : مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : ( رَجُلانِ مِنْ أُمَّتِي جَثَيَا بَيْنَ يَدَيَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يَا رَبِّ خُذْ لِي مَظْلَمَتِي مِنْ أَخِي ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلَمَتَهُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ مَا بَقِيَ مِنْ حَسَنَاتِي شَيْءٌ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ فَلْيَحْمِلْ مِنْ أَوْزَارِي ) ، وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : ( وَإِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ يَوْمٌ يَحْتَاجُ فِيهِ النَّاسُ إِلَى أَنْ تُحْمَلَ عَنْهُمْ أَوْزَارُهُمْ ) ، ثُمَّ قَالَ : ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ بِحَقِّهِ : ارْفَعْ رَأْسَكَ فَانْظُرْ إِلَى الْجِنَانِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَى مَا أَعْجَبَهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالنِّعْمَةِ ، فَقَال : لِمَنْ هَذَا يَا رَبِّ ؟ قَالَ : لِمَنْ أَعْطَانِي ثَمَنَهُ ، قَالَ : وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ يَا رَبِّ ؟ قَالَ : أَنْتَ ، قَالَ : بِمَاذَا ؟ قَالَ : بِعَفْوِكَ عَنْ أَخِيكَ ، قَالَ : يَا رَبِّ فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ ، قَالَ : خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَادْخُلا الْجَنَّةَ ) ، ثُمَّ قَالَ : وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) ” ؟
حديث مشهور في فضل عفو المسلم عن أخيه المسلم ، لا يصح سنده .
السؤال: 240062
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث رواه الحاكم في “المستدرك” (8718) ، والخرائطي في “مساوئ الأخلاق” (602) ، وابن عساكر في “معجمه” (389) ، وابن أبي الدنيا في “حسن الظن بالله” (118) ، وابن أبي داود في “البعث” (32) من طريق عَبْد اللَّهِ بْن بَكْرٍ السَّهْمِيّ ، أَنْبَأَ عَبَّادُ بْنُ شَيْبَةَ الْحَبَطِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ُ، قَالَ: ” بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ ، إِذْ رَأَيْنَاهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟
قَالَ: ( رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِي جَثَيَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَبِّ خُذْ لِي مَظْلِمَتِي مِنْ أَخِي ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلطَّالِبِ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِأَخِيكِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: يَا رَبِّ فَلْيَحْمِلْ مِنْ أَوْزَارِي ) ؟!
قَالَ: وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُكَاءِ ، ثُمَّ قَالَ:
( إِنَّ ذَاكَ الْيَوْمَ عَظِيمٌ ، يَحْتَاجُ النَّاسُ أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُمْ مِنْ أَوْزَارِهِمْ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ : ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ فِي الْجِنَانِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَرَى مَدَائِنَ مِنْ ذَهَبٍ وَقُصُورًا مِنْ ذَهَبً مُكَلَّلَةً بِالُّلؤْلُؤِ ؛ لِأَيِّ نَبِيٍّ هَذَا ؟ أَوْ لِأَيِّ صِدِّيقٍ هَذَا ؟ أَوْ لِأَيِّ شَهِيدٍ هَذَا ؟
قَالَ: هَذَا لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ !!
قَالَ: يَا رَبِّ وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ ؟
قَالَ: أَنْتَ تَمْلِكُهُ ، قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِعَفْوِكَ عَنْ أَخِيكَ ، قَالَ: يَا رَبِّ فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَخُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ) .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: (اتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصْلِحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) ” .
وهذا إسناد ضعيف جدا ، عباد بن شيبة : قال ابن حبان : ” مُنكر الْحَدِيث جدا عَلَى قلَّة رِوَايَته ، لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ ، لما انْفَرد بِهِ من الْمَنَاكِير “.
ينظر : “كتاب المجروحين” (2/ 171) .
وسعيد بن أنس : قال البخاري: لا يتابع عليه ـ يشير إلى هذا الحديث ـ ، وقال العقيلي: بصري مجهول بالنقل.
ينظر : “لسان الميزان” (3/ 24) .
والحديث صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله : “عباد ضعيف، وشيخه لا يعرف”.
وكذا استنكر تصحيحه المنذري في “الترغيب والترهيب” (3/211) فقال : ” كذا قال!”
وقال ابن كثير: ” إِسْنَادٌ غَرِيبٌ ، وَسِيَاقٌ غَرِيبٌ ” .
انتهى من “البداية والنهاية” (20/ 40) .
وقال الحافظ ابن حجر في “المطالب العالية” (18/622) : ” ضعيف جدا ” .
وينظر تعليق المحققين على “المطالب العالية” .
وقال الألباني في “ضعيف الترغيب والترهيب” (1469) : ” ضعيف جدا ” .
وينظر : “عجالة الإملاء” للحافظ الناجي (5/1088-1093) .
وأيضا : “مختصر تلخيص الذهبي” لابن الملقن (7/3523- 3525) وتعليق المحققين ، “النافلة في الأحاديث الباطلة” لأبي إسحاق الحويني ، رقم (96) .
وبالجملة :
فهذا الحديث لا يصح .
وفي فضل العفو، وإصلاح ذات البين ، من الآيات والأحاديث الصحيحة ، ما يغني عن هذا الحديث وغيره مما لا يصح سنده .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب