0 / 0

هل ثبت أن ثابتا البناني رحمه الله كان يصلي في قبره بعد موته؟

السؤال: 240559

ما صحة هذه القصة ؟
ورد أن ثابتا البناني كانت تُسمع تلاوة القرآن من قبره ، وورد عن الذي أدخله في قبره أنه قال: “أنا ، والذي لا إله إلا هو ، أدخلت ثابتًا البناني لحده ، فلمّا سوّينا عليه اللَّبِنَ سقطت لَبِنَةٌ (يعني حجر) ، فنـزلتُ فأخذتها من قبره ، فإذا به يصلي في قبره !!
فقلت للذي معي: أتراه؟ قال: اسكت، فلمّا سوّينا عليه التراب ، وفرغنا ، أتينا ابنته ، فقلنا لها: ما كان عمل ثابت ؟
قالت: وما رأيتم؟ فأخبرناها، فقالت: كان يقوم الليل خمسين سنة ، فإذا كان السَحَرُ قال في دعائه: اللهمّ إن كنت أعطيت أحدًا الصلاة في قبره ، فأعطِنيها !!
فما كان الله ليردَّ ذلك الدعاء”.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه :
حدثنا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : ثَابِتٌ يَقُولُ: ” اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا الصَّلَاةَ فِي قَبْرِهِ ، فَأَعْطِنِي الصَّلَاةَ فِي قَبْرِي ” .
وهكذا رواه ابن سعد في ” الطبقات ” (7/174) ، وأبو العباس الأصم في جزئه (18) من طريق عفان به .
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم .

وله شاهد رواه البيهقي في ” الشعب ” (4/ 519) ، وابن الجعد في مسنده (ص209) ، وأبو نعيم في ” الحلية ” (2/319) من طريق ضَمرَة، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: ” سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، يَقُولُ: اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، يُصَلِّي لَكَ فِي قَبْرِهِ : فَأعْطِنِيهِ .
ورواه ابن الجعد أيضا (ص: 209) من طريق سَيَّار، نا جَعْفَرٌ قَالَ: ” سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَقُولُ: ” اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَذِنْتَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي قَبْرِهِ، فَأْذَنْ لِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي قَبْرِي ” .
فهذا الأثر إلى هذا الحد صحيح .

ولكن روى أبو نعيم في ” الحلية ” (2/ 319) من طريق مُحَمَّد بْن سِنَانِ الْقَزَّاز، قَالَ: ثنا شَيْبَانُ بْنُ جِسْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ” أَنَا وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَدْخَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ لَحْدَهُ ، وَمَعِيَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ -شَكَّ مُحَمَّدٌ- قَالَ: فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ اللَّبِنَ سَقَطَتْ لَبِنَةٌ ، فَإِذَا أَنَا بِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ ، فَقُلْتُ لِلَّذِي مَعَهُ: أَلَا تَرَى؟ قَالَ: اسْكُتْ .
فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ ، وَفَرَغْنَا ، أَتَيْنَا ابْنَتَهُ ، فَقُلْنَا لَهَا: مَا كَانَ عَمَلُ أَبِيكَ ثَابِتٍ؟!
فَقَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُمْ؟
فَأَخْبَرْنَاهَا !!
فَقَالَتْ: كَانَ يقُومُ اللَّيْلَ خَمْسِينَ سَنَةً ، فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ ، قَالَ فِي دُعَائِهِ: ” اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ الصَّلَاةَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِيهَا “، فَمَا كَانَ اللهُ لِيَرُدَّ ذَلِكَ الدُّعَاءَ ” .

وابن سنان القزاز : كذبه أبو داود ، وابن خراش ، وقال الدارقطني: لا بأس به ، ووثقه مسلمة بن قاسم .
انظر “التهذيب” (9/206) .
وشيبان بن جسر لم نجد له ترجمة .
وأبو جسر بن فرقد ضعيف ، ضعفه ابن معين ، والبخاري ، والنسائي .
انظر : “الميزان” (1/398) .
فهذا إسناد ضعيف ، واهٍ .

وله شاهد : رواه ابن أبي الدنيا في ” القبور ” (132) من طريق خالد بن يزيد القسام ثنا الربيع بن صبيح قال : ” لما مات ثابت البناني دخلت أنا وحميد الطويل وجسر أبو جعفر قبره …” فذكره .
والربيع : ضعفه ابن معين ، والنسائي ، وابن المديني ، وغيرهم .
انظر : “الميزان” (2/41) .
والقسام لم نجد له ترجمة .
فالثابت عن ثابت رحمه الله : إنما هو دعاؤه بأن يعطى ذلك في قبره .
وأما حصوله في قبره : فلم نقف عليه من وجه يثبت ، والرواية فيه ضعيفة ، على ما تقدم بيانه آنفا .
ولذلك قال الذهبي رحمه الله في “السير “(5/ 520):
عَفَّانُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ ، قَالَ: كَانَ ثَابِتٌ يَقُوْلُ: ” اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَداً الصَّلاَةَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِي الصَّلاَةَ فِي قَبْرِي ” .
فأثبت ذلك بالسند الصحيح ، ثم قال :
” فَيُقَالُ إِنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ اسْتُجِيْبَتْ لَهُ، وَإِنَّهُ رُئِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، فِيْمَا قِيْلَ ” انتهى .

فذكر ذلك بصيغة التمريض : ” فيقال ” ، ” فيما قيل ” إشارة منه إلى عدم ثبوت ذلك بالسند الصحيح .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (142769) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android