الرجاء شرح حالات ميراث الجد مع الإخوة الأشقاء أو لأب .
ميراث الجد مع الإخوة
السؤال: 240582
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لابد لمن أراد أن يفهم مسائل الجد مع الإخوة في الفرائض ، أن يكون مدركا لعموم مسائل الفرائض ، من قسمة الميراث ، وتصحيح الانكسار ، والعول ، ومعرفة أصحاب الفروض والتعصيب والحجب وغير ذلك ؛ لأن باب الجد مع الإخوة متداخل مع هذه الأبواب كلها .
ونحن نجيب السائل على اعتبار إدراكه لهذه المسائل ؛ إذ لا يسأل عن هذا الباب إلا من أدرك الأبواب السابقة له .
فنقول : إذا كان للميت إخوة أشقاء أو لأب فإنهم يسقطون بالأب ، وفي سقوطهم بالجد خلاف ، والراجح أنهم يسقطون به ؛ كما يسقطون بالأب ، وكما يسقط الإخوة من الأم ، وهو قول أبي بكر الصديق ، وأبي موسى ، وابن عباس ، وأربعة عشر من الصحابة ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ورواية عن أحمد ، واختاره بعض الشافعية ، واختاره أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، ومن المعاصرين المشايخ : عبد العزيز بن باز ، وابن عثيمين ، وصالح الفوزان.
انظر : ” التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية ” للشيخ صالح الفوزان (ص 135- 140) .
وأما على القول الثاني – وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد – فإن الجد لا يسقط الإخوة الأشقاء أو الإخوة لأب ، بل يرثون معه ولكنه يعامل بالأحظ له والأكثر .
والمراد بالجد هنا: أبو الأب وإن علا ، بخلاف الجد من جهة الأم فليس بوارث .
وللجد مع الإخوة حالان :
الحال الأولى : أن لا يكون معهم صاحب فرض ، فميراثه في هذه الحال الأكثر من ثلث المال ، أو مقاسمة الإخوة .
فلو هلك هالك عن جد وثلاثة إخوة : فالأكثر للجد ثلث المال فيأخذه ، والباقي للإخوة.
ولو هلك هالك عن جد وأخ : فالأكثر للجد المقاسمة ؛ فيقسم المال بينهما نصفين .
وقد يستوي ثلث المال مع المقاسمة ، كما لو هلك عن جد وأخوين ، فله ثلث المال ، سواء أخذ الثلث أو بالمقاسمة .
الحال الثانية : أن يكون معهم صاحب فرض : فيأخذ صاحب الفرض فرضه ، ثم يشترك الجد مع الإخوة في الميراث ، ويعامل بالأحظ له من المقاسمة ، أو ثلث الباقي بعد الفرض ، أو سدس جميع المال ؛ فإن لم يبق إلا السدس أخذه وسقط الإخوة ، إلا في الأكدرية .
ومن الأمثلة على ذلك :
– هلك هالك عن زوجة وجد وثلاثة إخوة : فللزوجة الربع ، والأحظ للجد حينئذ : ثلث الباقي فيأخذه ؛ والباقي يقسم بين الإخوة .
– هلك هالك عن أم وجد وأخت : للأم الثلث ، والأكثر له في هذه الحال : المقاسمة ؛ فيقسم الباقي بعد فرض الأم ، للجد سهمان ، وللأخت سهم ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) .
– هلك هالك عن بنتين وجد وأخ : فللبنتين الثلثان ، وهنا يستوي له سدس المال والمقاسمة ، فيورث بأيٍ منهما .
– ولو كان مع الأخ أخ آخر ، فالأحظ للجد : سدس المال فيأخذه والباقي بين الأخوين .
– ولو كان بدلهما أخت واحدة فالأكثر للجد المقاسمة : فللبنتان الثلثان ، ويبقى الثلث ، فيقتسمه مع الأخت ، سهمان له ، وسهم لها (للذكر مثل حظ الأنثيين) .
ثانيا :
ومن المسائل المتعلقة بباب الجد والإخوة : مسألة الأكدرية .
وهي زوج وأم وجد وأخت شقيقة أو لأب ، فيفرض للزوج النصف ، وللأم الثلث ، وللجد السدس وبذلك تكون الأنصباء قد استغرقت أصحاب الفروض ، فتسقط الأخت ، لكنهم استثنوا هذه الصورة ، وقالوا : تعطى الأخت النصف ، فتعول المسألة ثم نعيد التقسيم ، فنجمع نصيب الجد والأخت مع بعضهما ؛ ليقتسماهما تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين .
فأصل المسألة من ستة ، وتعول إلى تسعة ، وتصح من سبعة وعشرين ، للزوج تسعة ، وللأم ستة ، وللجد والأخت اثنا عشر ، له منه ثمانية ، ولها أربعة .
وسميت هذه المسألة بالأكدرية ؛ لأنها كدرت على زيد بن ثابت رضي الله عنه أصوله : وذلك لأن الأصل عنده في باب الجد والإخوة ، أن لا يفرض للأخوات معه ، ولا يرث الإخوة شيئا إذا لم يبق إلا السدس ، لكنهم استثنوا هذه الصورة .
ثالثا :
ومن المسائل المتعلقة بباب الجد والإخوة : مسألة المعادّة .
فمن المتقرر أنه إذا اجتمع جدّ وإخوة أشقاء وإخوة لأب ، فإن الإخوة لأب يسقطون ، ويرث الجد مع الإخوة الأشقاء كما سبق .
فلو هلك هالك عن جد وأخ شقيق وأخ لأب فكان الذي ينبغي أن يسقط الأخ لأب بالأخ الشقيق ، ويكون الأحظ للجد حينئذ المقاسمة ، فيعطى النصف ، ويأخذ الأخ الشقيق النصف الباقي .
لكنهم استثنوا هذه الصورة وما شابهها ، وسموها ” المعادّة ” ، وقالوا : بل نَعدّ الأخ لأب أخا شقيقا ؛ وتقسم المسألة من ثلاثة ، للجد الثلث ، والباقي يأخذه الأخ الشقيق ، ولا يأخذ الأخ لأب شيئا ، لأنه محجوب بالأخ الشقيق .
ولا تكون المعادة إلا إذا كان الأحظ للجد هو المقاسمة ، لأنها الحالة التي يقل فيها نصيب الجد بزيادة عدد الإخوة .
ولمزيد التفصيل والفائدة يراجع باب الجد مع الإخوة من ” تسهيل الفرائض ” للشيخ ابن عثيمين ، و ” حاشية الرحبية ” للشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمهما الله .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب