0 / 0

عموم علم الله تعالى بخلقه واطلاعه عليهم

السؤال: 240684

كيف ينظر الله سبحانهُ وتعالى لعباده ويعلم من المبتلى فيهم ومن الصالح والضال ؟
أي كيف ينظر إلى الجميع وهو سبحانه لا يغفل عن هذا الإنسان وهو ينظر إلى ذاك وذاك ،
وينظر أيضاً إلى جميع مخلوقاتهِ ولا يغفل عن بعضهم جل جلاله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الله عز وجل خالق كل شيء ، وهو عليم بأحوال عباده وخلقه ، كما قال تعالى : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/ 14 .
ومن أراد السلامة في دينه ، والصحة في اعتقاده ، فلينزه ربه سبحانه عن مماثلة خلقه ومشابهتهم في شيء من الصفات ، وألا يضرب لله الأمثال ، ويعلم أن لله المثل الأعلى ، وهو العزيز الحكيم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (13 /379) .

وكذلك: فليقطع الطمع عن معرفة كيفية صفات الرب ، فإن الخلق لا يحيطون به علما ، فعليه أن يؤمن بالصفة ، ويدع التفكر في كيفيتها ، فذلك ما لا سبيل إلى علمه ، وإنما علمه إلى الله تعالى .
قال الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ عند تفسير قَوْلِهِ تَعَالَى ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ ) : ” يَسْلكُ فِي هَذا المَقَامِ مَذْهَبَ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْييفٍ وَلاَ تَشْبيِهٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ ، وَالظَّاهِرُ المُتَبَادِرُ إلَى أَذْهَانِ المُشَبِّهِينَ مَنْفِيٌّ عَنِ اللهِ ، فَإِنَّ اللهَ لا يُشْبِهُهُ شَيءٌ من خلقه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ ) ، بل الأمرُ كما قال الأئمّة ، منهم نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الخُزَاعِيُّ شَيْخُ البُخَارِيِّ : ( مَنْ شَبَّهَ اللهُ بِخَلْقِهِ كَفَرَ ، وَمَن جَحَدَ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ ، وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلاَ رَسُولهُ تَشْبِيهٌ ، فَمَنْ أَثْبَتَ مَا وَرَدَتْ بِهِ الآثَارُ الصَّرِيحَةُ وَالأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الوَجْهِ الذِي يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ ، وَنَفَى عَنِ اللهِ النَّقَائِصَ فَقَدْ سَلَكَ سَبيلَ الهُدَى ” .
انتهى مختصرا من “تفسير ابن كثير” (3/426-427) .
“وَلَمَّا سُئِلَ الإمام مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَأَطْرَقَ مَالِكٌ وَعَلَاهُ الرُّحَضَاءُ – يَعْنِي الْعَرَقَ – وَانْتَظَرَ الْقَوْمُ مَا يَجِيءُ مِنْهُ فِيهِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّائِلِ وَقَالَ: ” الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ “.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
“وَهَذَا الْجَوَابُ مِنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الِاسْتِوَاءِ شَافٍ كَافٍ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ ، مِثْلَ النُّزُولِ وَالْمَجِيءِ وَالْيَدِ وَالْوَجْهِ وَغَيْرِهَا ، فَيُقَالُ فِي مِثْلِ النُّزُولِ: النُّزُولُ مَعْلُومٌ ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ إذْ هِيَ بِمَثَابَةِ الِاسْتِوَاءِ الْوَارِدِ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (4/4) .
فلا يقال : كيف ينظر الله إلى عباده ؟ بل يقال : نظر الله إلى عباده معلوم ، وكيفية ذلك مجهولة ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة .
فالله تعالى مطلع على جميع خلقه ، لا تخفى عليه منهم خافية ، فيسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات في أقطار الأرض والسموات ، فلا تشتبه عليه ولا تختلط عليه ولا تلتبس عليه، ولا يغلطه سمع عن سمع ، ويرى دبيب النملة السوداء ، على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء ، ويعلم ما تسره القلوب وأخفى منه، وهو ما لم يخطر لها ، أنه سيخطر لها .
فهذا القدر من العلم بالصفة يكفينا ، ولا نبحث عما وراء ذلك ، ثم علينا بعد ذلك أن نعبد الله تعالى ونستحضر اطلاعه علينا وعلمه بأحوالنا في كل لحظة .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لكل خير .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (178915) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android