جاء في الحديث عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فنظرت فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام ، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام ) ، فما صحة هذا الحديث ؟ وأين ذكر؟
حَدِيثِ : ( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ ). رواية ودراية.
السؤال: 243201
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا حديث صحيح ، وله طرق :
فرواه الإمام أحمد (21733) ، والفسوي في ” المعرفة ” (2/290) ، والبزار “كشف الأستار” (3332) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِه ِ، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي ، فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ ، أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ ) .
وقال البزار : ” لا نَعْلَمُهُ رَوَاهُ إِلا أَهْلُ الشَّامِ ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَوَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ، وَهَذَا أَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ” انتهى .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 57):
” رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ “.
وقال محققو المسند : ” إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح “.
ورواه أحمد (17775) ، والطبراني في ” مسند الشاميين “(1357) من طريق عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ عن عَمْرو بْن الْعَاصِ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( بَيْنَا أَنَا فِي مَنَامِي ، أَتَتْنِي الْمَلَائِكَةُ فَحَمَلَتْ عَمُودَ الْكِتَابِ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي ، فَعَمَدَتْ بِهِ إِلَى الشَّامِ ، أَلَا فَالْإِيمَانُ حَيْثُ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ ) .
وإسناده ضعيف ، لضعف عبد العزيز بن عبيد الله ، ضعفه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم .
انظر : “التهذيب” (6/348) .
ورواه الطبراني في ” الكبير” (14514) ، و” الأوسط ” (2689) من طريق مُؤَمَّل بْن إِسْمَاعِيلَ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنَّهُمْ أَخَذُوا عَمُودَ الْكِتَابِ فَعَمَدُوا بِهِ إِلَى الشَّامِ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ فَالْأَمْنُ بِالشَّامِ).
مؤمل بن إسماعيل : قال الحافظ في ” التقريب ” (ص 555): “صدوق سيء الحفظ” .
وقد رواه الطبري في تفسيره (18/ 469):
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال: وحدثنا أبو قلابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره مرسلا ، وهذا أصح .
ولكن رواه الحاكم (8554) ، والطبراني في ” الكبير ” (14561) ، وفي “مسند الشاميين ” (308) ، والحارث في مسنده (2/944) ، وأبو نعيم في ” الحلية “(5/252) من طريق سَعِيد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا به مرفوعا .
وقال الحاكم : “هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ” ووافقه الذهبي .
ورواه الطبراني في ” الكبير ” (14545) عن ابن عمرو أيضا ، وفي إسناده ابن لهيعة ، وفيه مقال معروف ، وبعض أهل العلم يحسن حديثه . وقال الهيثمي في ” مجمع الزوائد ” (10/ 58):
” رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ، وَفِي أَحَدِهَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ ، وَقَدْ تُوبِعَ عَلَى هَذَا، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ “.
ورواه ابن عبد الحكم في ” فتوح مصر والمغرب ” (ص296) ، والفسوي في ” المعرفة ” (2/291) ، وابن عساكر في ” التاريخ ” (1/105) عن مدرك بن عبد الله الأزدى- أو أبى مدرك- قال:
” غزونا مع معاوية مصر، فنزلنا منزلا، فقال عبد الله بن عمرو لمعاوية: أتأذن لي أن أقوم في الناس؟ فأذن له ؛ فقام على قوسه ؛ فحمد لله وأثنى عليه ، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: ( رأيت في منامي أن عمود الكتاب حمل من تحت رأسي ، فأتبعته بصرى ، فاذا هو كالعمود من النور يعمد به إلى الشأم ، ألا وإنّ الإيمان إذا وقعت الفتن، بالشأم) ثلاث مرّات “.
ومدرك الأزدي مجهول ، كما في ” ميزان الاعتدال “(4/ 86) .
ورواه الطبراني في “الكبير” (7714) ، وابن عساكر في ” التاريخ ” (1/111) من طريق الْوَلِيد بْن مُسْلِمٍ، عَنْ عُفَيْرِ بْنِ مَعْدَانَ ، أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ: (رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ انْتُزِعَ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي ، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَإِذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ هَوَى بِهِ ، فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ ، وَإِنِّي أَوَّلْتُ أَنَّ الْفِتَنَ إِذَا وَقَعَتْ أَنَّ الْإِيمَانَ بِالشَّامِ) .
وعفير بن معدان متروك الحديث ، انظر ” الميزان ” (3/83) .
وقال الهيثمي في ” المجمع ” (10/ 58):
” رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وفِيهِ عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ “.
ورواه الطبراني في ” مسند الشاميين ” (601) من طريق هِشَام بْن عَمَّارٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيِّ ، عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَمُودًا أَبْيَضَ ، كَأَنَّهُ لُؤْلُؤَةٌ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ، قُلْتُ: مَا تَحْمِلُونَ؟ قَالَ: عَمُودُ الْإِسْلَامِ أُمِرْنا أَنَ نَضَعَهُ بِالشَّامِ .
وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ الْكِتَابَ اخْتُلِسَ مِنْ تَحْتِ وِسَادَتِي ، فَظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَخَلَّى مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي ، فَإِذَا هُوَ نُورٌ بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى وُضِعَ بِالشَّامِ ، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ ، وَلْيَسْتَقِ مِنْ غُدُرِهِ , فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ ).
وهشام بن عمار : قال الحافظ في ” التقريب ” (ص 573):
” صدوق مقرئ كبر فصار يتلقن “.
وقال المنذري في “الترغيب والترهيب “(4/ 32):
” رواه الطبراني ورواته ثقات “.
ورواه الفسوي في “المعرفة” (2/ 311) ، وابن عساكر في “التاريخ” (1/109) من طريق نصر بن محمد بن سليمان عن أبيه مُحَمَّد بْن سُلَيْمَانَ السُّلَمِيّ قَالَ: حدثني عبد الله بن أبي قيس قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( رَأَيْتُ عَمُودًا مِنْ نُورٍ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي سَاطِعًا حَتَّى اسْتَقَرَّ بِالشَّامِ ).
ونصر هذا : قال أبو حاتم: ضعيف لا يصدق ، وذكره ابن حبان في الثقات .
” ميزان الاعتدال ” (4/ 251).
وقد صحح هذا الحديث البيهقي في “دلائل النبوة” (6/447) ، وقال المنذري في “الترغيب والترهيب” (4/ 31):
” رواه أحمد ورواته رواة الصحيح “.
وصححه أيضا : الحافظ ابن حجر في “الفتح” (12/403) ، والألباني في “صحيح الترغيب والترهيب” (3092) ، ومحققو المسند – كما تقدم –
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” قَوْلِهِ (رَأَيْت كَأَنَّ عَمُودَ الْكِتَابِ- وَفِي رِوَايَةٍ – عَمُودَ الْإِسْلَامِ أُخِذَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي فَأَتْبَعْته نَظَرِي فَذُهِبَ بِهِ إلَى الشَّامِ) وَعَمُودُ الْكِتَابِ وَالْإِسْلَامِ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ ، وَهُمْ حَمَلَتُهُ الْقَائِمُونَ بِهِ.
وَمِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عُقْرُ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ) .
وَمِثْلُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَة ُ). وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : (وَهُمْ بِالشَّامِ)” انتهى من “مجموع الفتاوى” (27/ 42)
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب