هل إذا اعتقدت أن الصفرة استحاضة وصليت ولم أعد الغسل ، ثم عرفت بعدها أن الصفرة من الحيض إذا كانت متصلة.
وكنت قد اغتسلت بعدها للجنابة ، فهل يجزئ غسل الجنابة ؟
جديد
جديد
جديد
السؤال: 243854
هل إذا اعتقدت أن الصفرة استحاضة وصليت ولم أعد الغسل ، ثم عرفت بعدها أن الصفرة من الحيض إذا كانت متصلة.
وكنت قد اغتسلت بعدها للجنابة ، فهل يجزئ غسل الجنابة ؟
ملخص الجواب
من كان عليها جنابة وحيض، فيكفيها غسل واحد عن الحيض والجنابة ، سواء نوتهما معاً أو نوت بغسلها أحدهما
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الصفرة أو الكدرة إن كانتا في زمن العادة ، أو اتصلتا بالدم : فهما من الحيض .
وإن كانتا بعد الطهر، فليستا بشيء ؛ لما روى مالك في " الموطأ " (130) عن أم علقمة أَنَّهَا قَالَتْ : " كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بالدُّرْجة ، فِيهَا الْكُرْسُفُ ، فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ ، يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ ؟
فَتَقُولُ لَهُنَّ : لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ .
تُرِيدُ بِذَلِكَ : الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ " .
ورواه البخاري معلقاً ( كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره ).
والدُّرْجة: هو وعاء صغير تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها. وينظر: " النهاية لابن الأثير " (2/ 246).
والكرسف : القطن .
ولقول أم عطية رضي الله عنها: " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً " رواه أبو داود (307) ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل "(199) .
ثانيا:
من كانت عليها جنابة وحيض ، فاغتسلت غسلا واحدا تنويهما بذلك، أجزأها، في قول جمهور أهل العلم.
وكذا لو نوت أحدهما ، ولم تنو الآخر، أجزأها، في قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
قال في " المغني " (1/253) : " إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل ، كالحيض والجنابة ، أو التقاء الختانين والإنزال ، ونواهما بطهارته : أجزأه عنهما ؛ قاله أكثر أهل العلم ، منهم عطاء وأبو الزناد وربيعة ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي.
ويروى عن الحسن والنخعي في الحائض الجنب : تغتسل غسلين.
ولنا : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يغتسل من الجماع إلا غسلا واحدا ، وهو يتضمن شيئين إذ هو لازم للإنزال في غالب الأحوال، ولأنهما سببان يوجبان الغسل ، فأجزأه الغسل الواحد عنهما كالحدث والنجاسة.
وهكذا الحكم إن اجتمعت أحداث توجب الطهارة الصغرى ، كالنوم وخروج النجاسة واللمس، فنواها بطهارته ، أو نوى رفع الحدث ، أو استباحة الصلاة : أجزأه عن الجميع.
وإن نوى أحدها ، أو نوت المرأة الحيض دون الجنابة : فهل تجزئه عن الآخر؟
على وجهين: أحدهما: تجزئه عن الآخر ؛ لأنه غسل صحيح ، نوى به الفرض ؛ فأجزأه ، كما لو نوى استباحة الصلاة .
والثانية : يجزئه عما نواه دون ، ما لم ينوه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما لكل امرىء ما نوى) ، وكذلك لو اغتسل للجمعة هل تجزئه عن الجنابة ؟ على وجهين " انتهى.
وقال الدردير في " الشرح الكبير " (1/133) : " وإن نوت امرأة جنب وحائض أو نفساء بغسلها الحيض أو النفاس والجنابة معا ، أو نوت أحدهما ناسية أو ذاكرة للآخر ولم تخرجه : حصلا " انتهى .
ومعنى (ولم تخرجه): أي لم تنو أنه لا يرتفع غيره ، كما سيأتي .
وقال النووي في " المجموع " (1/327): " ولو كان على امرأة غسل جنابة وحيض فنوت أحدهما صح غسلها وحصلا جميعا بلا خلاف " انتهى . وينظر: " مغني المحتاج " (1/72).
وقال في " كشاف القناع " (1/90) : " وإن اجتمعت أحداث متنوعة ولو كانت متفرقة في أوقات توجب وضوءا كالبول والغائط والريح والنوم ، أو توجب غسلا كالجماع وخروج المني والحيض فنوى بطهارته أحدها ارتفع هو ، أي الذي نوى رفعه وارتفع سائرها ، لأن الأحداث تتداخل ، فإذا نوى بعضها غير مقيد ارتفع جميعها، كما لو نوى رفع الحدث وأطلق ،وإن نوى أحدها أي الأحداث ، ونوى أن لا يرتفع غيره لم يرتفع غيره ، لأنه قد تطهر بنية بقاء غيره من الأحداث، فلم يرتفع سوى ما نواه، وإلا لزم حصول ما لم ينوه " انتهى .
وجاء "في الشرح الممتع" ، للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (1/202) : " قوله: وإن اجتمعت أحداثٌ تُوجِبُ وُضُوءاً، أي: بأن فعل من نواقض الوُضُوء أشياء متعدِّدة، كما لو بَالَ، وتغوَّط، ونامَ، وأكل لحم إِبل، ونوى الطَّهارة عن البول، فإنه يجزئ عن الجميع.
ولكن لو نوى عن البول فقط على أن لا يرتفع غيرُه، فإِنَّه لا يجزئ إلا عن البول؛ لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّما الأعمال بالنيَّات، وإِنما لكُلِّ امرئٍ ما نوى .
وقيل: يجزئ عنه وعن غيره ، لأن الحدثَ وصفٌ واحد؛ وإن تعدَّدت أسبابه فإِنه لا يتعدَّد، فإِذا نوى رفعه ارتفع وإِن لم يعيِّن إلا سبباً واحداً من أسبابه.
وقيل: إِن عَيَّنَ الأوَّلَ ارتفع الباقي، وإِن عيَّن الثاني لم يرتفعْ شيء منها ؛ لأنَّ الثَّاني ورد على حدث، لا على طهارة كما لو بال أولاً، ثم تغوَّط، ثم توضَّأ عن الغائط فقط فإِنَّه لا يرتفعُ حدثُه؛ لأن الثَّاني وَرَدَ على حَدَثٍ فلم يؤثِّر شيئاً، وحينئذٍ إِذا نَوى رفع الحدث من الثَّاني لم يرتفع، لأن الحدث من الأول.
والصَّحيح: أنه إِذا نوى رفع الحدث عن واحد منها ارتفع ، عن الجميع؛ حتى وإِنْ نوى أن لا يرتفع غيرُه، لأن الحدَثَ وصف واحد وإِن تعدَّدت أسبابه، فإِذا نوى رفعه من البول ارتفع.
ولا يعارض قوله صلّى الله عليه وسلّم: وإِنّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى، وهذا لم ينوِ إلا عن حدث البول؛ لأن الحدث شيء واحد، فإِذا نوى رفعه ارتفع، وليس الإِنسان إِذا بال في الساعة الواحدة مثلاً صار له حدث، وإِذا تغوَّط في الساعة الواحدة والنصف صار له حدث آخر وهكذا، بل الحَدَثُ واحدٌ، والأسباب متعدِّدةٌ " انتهى .
وعليه ؛ فإن اغتسالك من الجنابة يجزئك ، ويرفع عنك حدث الحيض.
ولا شيء عليك فيما صليته أثناء الحيض لظنك أنه استحاضة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب