يريد أحد الإخوة أن نجلس في حلقات بين صلاة الجمعة الأولى والثانية لتعليم الناس سورة الكهف ، علما بأن الصلاة تكون في الجامعة في بلد غربي ، فهل يجوز نأن نقيم هذه الحلقات بشكل دائم علما بأنه من الصعب جمع الإخوة في يوم غير يوم الجمعة ؟
حكم تخصيص يوم الجمعة لعمل حلقات لتعليم سورة الكهف
السؤال: 243921
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الاجتماع لتعلم القرآن وتلاوته ومدارسته من صالح الأعمال والقربات ، ومن أنفس ما تبذل فيه الأوقات؛ لما جاء في فضل ذلك من النصوص ، كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ) رواه مسلم (2699).
وتخصيص ذلك بيوم الجمعة : لا حرج فيه ، ما دام التخصيص لكونه وقت فراغكم وإجازتكم، لا لاعتقاد فضل معين ؛ فإن ذلك لم يرد.
قال الدكتور محمد بن حسين الجيزاني: ” قال أبو شامة : ” ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع ، بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ، ليس لبعضها على بعض فضل ، إلا ما فضَّله الشرع ، وخصَّه بنوع من العبادة ، فإن كان ذلك ؛ اختص بتلك الفضيلة ، تلك العبادة دون غيرها ، كصوم يوم عرفة ، وعاشوراء ، والصلاة في جوف الليل ، والعمرة في رمضان ” .
وقد بيَّن ابن تيمية المفسدة المترتبة على مثل هذا التخصيص فقال : ” … من أحدث عملاً في يوم ؛ كإحداث صوم أول خميس من رجب … … فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد في القلب .
وذلك لأنه لا بد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله ، وأن الصوم فيه مستحب استحبابًا زائدًا على الخميس الذي قبله وبعده مثلاً … … إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه ، أو في قلب متبوعه ، لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة ؛ فإن الترجيح من غير مرجح ممتنع ” .
من هنا يُعلم أن هذا التخصيص يسوغ متى خلا من هذه المفسدة ، وذلك بأن يستند التخصيص إلى سبب معقول يقصد مثلَه أهل العقل ، والفراغ والنشاط ، كتخصيص يوم الخميس لصلاة الاستسقاء ، لكونه يومًا يفرغ الناس فيه من أعمالهم ، فهو أيسر لاجتماع الناس ، وكقصر المرء نفسه على ورد محدد من العبادة يلتزمه في أوقات مخصوصة ، كل ليلة أو كل أسبوع ، لكون ذلك أدعى لديمومة العمل وأقرب إلى الرفق ، فمثل هذا التخصيص موافق لمقصد الشارع .
أما إذا صار التخصيص ذريعة إلى أن يعتقد فيه ما ليس مشروعًا ، فيمنع منه لأمرين :
أولاً : لأجل الذريعة ، وثانيًا : لكونه مخالفًا لمعنى التوسعة .
قال الشاطبي رحمه الله : ” ثم إذا فهمنا التوسعة ، فلابد من اعتبار أمر آخر ، وهو أن يكون العمل بحيث لا يوهم التخصيصُ زمانًا دون غيره ، أو مكانًا دون غيره ، أو كيفية دون غيرها ، أو يوهم انتقال الحكم من الاستحباب – مثلاً – إلى السنة أو الفرض ” .
وبهذا يتبين أن تخصيص العبادة المطلقة يسوغ بشرطين :
الأول : ألا يكون في هذا التخصيص مخالفة لمقصود الشارع في التوسعة والإطلاق .
والثاني : ألا يوهم هذا التخصيص أنه مقصود شرعًا” انتهى من ” قواعد معرفة البدع ” (ص54).
ثانيا:
قولك: إن هذه الحلقات تكون بين صلاة الجمعة الأولى والثانية، لم يظهر لنا المراد منه، فإن أردت أن الجامعة يقام فيها جمعتان، وأنكم بعد أدائكم الجمعة تتحلقون هذه الحلقات قبل أن يأتي غيركم لإقامة جمعتهم، فاعلم أن إقامة جمعتين في مسجد واحد لا تجوز، إلا أن تقام الجمعة الثانية في موضع من الجامعة غير الموضع الأول. وانظر: السؤال رقم : (134899) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة