أشعر بذنب كبير وإثم عظيم ، فلقد قمت بعمل حفلة بسيطة في شقتي ، وقمت بدعوة الأقارب ؛ وكان سبب الاحتفال أن ابنتي أتمت السنة من عمرها ، والسبب الآخر توديع شقتي ، فأنا سأنقل إلى بيتي قريبا ، علما أن ابنتي أتمت السنة قبل شهر ، أي أن الحفلة أقيمت بعد بلوغ ابنتي سنة وشهرا ، ولقد أحببت أن أقيم هذه الحفلة بسبب شعوري بالإنجاز الكبير في تربية ابنتي ، وأسميتها حفلة إتمام السنة وتوديع شقتي ، علما بأني لن أفعلها سنويا ، ولم أسمها عيد ميلاد ، فأنا خائفة من وقوعي في الحرام بهذه الحفلة ، وأني ابتدعت شيئا ، وأخاف أن يتبعني الناس فيه فالتقليد في عائلتي أعمي ، فما الموقف الشرعي من هذا الأمر ؟
أقامت حفلة لإتمام ابنتها سنة ولتركها شقتها
السؤال: 245008
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا حرج فيما قمت به من الاحتفال بإتمام ابنتك سنة ، وتوديع شقتك ، ما دام الأمر لا يتكرر ، ولا يأخذ صفة العيد ، ولم يكن في يوم ميلادها؛ فهما إذن من جملة الأمور السارة الحاضرة .
وقد رخص الفقهاء في الاحتفاء والفرح بالمناسبات الدنيوية السارة، كقدوم الغائب، وبناء البيت، وخروج المرأة من النفاس ، ونحو ذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” ( 7 / 218) : ” فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة : أنها مستحبة ، لما فيها من إطعام الطعام ، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة ، وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” الولائم ثلاثة أقسام:
1- قسم منهي عنه كالمأتم : وهو وليمة الأحزان التي يفعلها من يموت له الميت ، فيولم ويدعو الناس إليها ، هذه إما مكروهة ، وإما محرمة ، وهو الصواب.
2- وقسم آخر مطلوب شرعاً وهو الوليمة للنكاح : فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف : (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) ؛ وذلك لأن الإيلام للنكاح يستلزم إظهاره وإعلانه ، وإعلان النكاح من الأمور المشروعة.
3- والقسم الثالث هو ما عدا ذلك فهو مباح : كالوليمة عند خروج المرأة من النفاس ، والوليمة للختان ، والوليمة لنزول البيت أول ما ينزل ، وما أشبه ذلك ” .
انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (116/18).
وسئل رحمه الله : عن إقامة الحفلات عند ختم القرآن ، أو عند المناسبات السارة ، كالنجاح والقدوم من السفر : هل يعتبر هذا من الإسراف ، أرجو التفصيل في هذا جزاكم الله خيرا؟
فأجاب : ” إقامة الحفلات عند قدوم الغائب أو عند النجاح أو ما أشبه ذلك : لا بأس ولا حرج فيه ؛ لأن الناس يفعلون هذا لا بقصد العبادة ، ولم يطرأ على بالهم أنهم يفعلون هذا تقربا إلى الله ، ولكنهم يفعلون ذلك فرحا وسرورا بما أنعم الله به عليهم من حصول مطلوبهم ، ولا بأس بهذه الحفلات .
لكن الذي يخشى منه أن يسرف في هذه الحفلات ، إما بكثرة الطعام الذي يزيد على الحاجة كثيرا ، وإما بكثرة المدعوين بحيث يدعى المئات من الناس من أجل هذا الاحتفال .
وإلا ؛ فالأصل أن الاحتفال بمناسبة الفرح ، لا تعبداً لله أو تقرباً إليه ، وإنما إظهارا للفرح والسرور : لا بأس به . والله أعلم ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” .
والمحذور في ذلك إنما هو إحداث عيد يتكرر؛ لما في ذلك من التشبه بالكافرين ، فهم أهل الأعياد المحدثة المخترعة ، ولأن ذلك يكون تشبيها لها بالأعياد الشرعية التي تتكرر كل عام .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم الاحتفال عند تخريج دفعة من حفظة كتاب الله ؟ وهل ذلك من اتخاذ الأعياد ؟ .
فأجاب :
“لا بأس بذلك ، ولا تدخل في اتخاذها عيداً ؛ لأنها لا تتكرر بالنسبة لهؤلاء الذين احتُفل بهم ، ولأن لها مناسبة حاضرة” انتهى من “مجموع فتاوى الشيخ العثيمين” (16/119).
وقال رحمه الله أيضا :
” فائدة : كل شيء يتخذ عيدا يتكرر كل أسبوع ، أو كل عام وليس مشروعا ، فهو من البدع ، والدليل على ذلك : أن الشارع جعل للمولود العقيقة ، ولم يجعل شيئا بعد ذلك ، واتخاذهم هذه الأعياد تتكرر كل أسبوع ، أو كل عام : معناه أنهم شبهوها بالأعياد الإسلامية ، وهذا حرام لا يجوز ، وليس في الإسلام شيء من الأعياد ، إلا الأعياد الشرعية الثلاثة : عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، وعيد الأسبوع ، وهو يوم الجمعة.
وليس هذا من باب العادات ؛ لأنه يتكرر ، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم فوجد للأنصار عيدين يحتفلون بهما ، قال: (إن الله أبدلكما بخير منهما : عيد الأضحى ، وعيد الفطر) ؛ مع أن هذا من الأمور العادية عندهم ” .
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (9/ 376).
وانظري للفائدة: السؤال رقم : ( 135119) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة