تنزيل
0 / 0

تزوج بفتاة ثم اكتشف بها مرضا مزمنا ، فهل يجوز له مقاضاة ولي الفتاة حتى يسترجع مهره؟

السؤال: 245611

أنا شاب عمري 30 سنة ، تأخرت بزواجي ؛ لانشغالي بجمع مستلزمات الزواج ، واعتمدت على الله ثم نفسي ، تزوجت من فتاة ، وبعد مرور 25 يوما اكتشفت أن الفتاة مريضة بمرض مزمن ، ولم يخبروني به ، علما أني دخلت بها ، فقدمت دعوى قضائية بالمحكمة ، لفسخ العقد ، واعترفت الفتاة وأهلها بالمرض ، وأنهم أخفوا المرض عني ، بعد فترة طويلة قضى القاضي بالخلع ، وعند جداله بأنه يجب فسخ العقد واسترداد المهر لي ، قال : ينبغي عليك أن تشتكي على ولي الفتاة .
الآن أنا في حيرة من أمري ، هل أشتكي وآخذ حقي الذي أخذوه مني بالغش ؟
وهو مبلغ كبير جدا، 25 مثقال ذهب ، والآن بهذا الوضع البنات تتزوج ب 5 مثقال فقط ، وهل في ذلك ظلم للفتاة من قبلي ؟ أم أترك الأمر لله ، وهو يعوضني خيرا ؟
أنا في حيرة ، وصدري وقلبي مليء بالضيق من الظلم الذي وقع علي ، أرجو إرشادي إلى ماهو صحيح ، وبأسرع وقت ممكن ، لأني لا أملك الوقت بالنسبة للمحكمة .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله سبحانه أن يلطف بك فيما نزل بك من بلاء ، وأن يخلف عليك فيما خسرته من
مال ؛ إنه سبحانه غني كريم .
معلوم أنه إذا ظهر بالمرأة عيب منفِّر كان بها قبل الزواج ، وأخفته عن زوجها ، ولم
يرض به الزوج بعد النكاح ، فإن ذلك يبيح للزوج فسخ النكاح ، كما سبق بيانه في
الفتوى رقم : (228758).
وإذا كان الفسخ بعد الدخول : فلها المهر، ويرجع الزوج على وليها ويطالبه بالمهر ،
إذا كان الولي عالما بذلك العيب .
وقد قرر ابن قدامة رحمه الله في ” المغني ” (10/62- 65) بعد أن ذكر أن الزوج له أن
يفسخ النكاح إذا وجد عيبا في زوجته ذكر :
أَنَّ الْفَسْخَ إذَا وُجِدَ قَبْلَ الدُّخُولِ ، فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ ….

وأَنَّ الْفَسْخَ إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَلَهَا الْمَهْرُ ….
وأَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ .
قال :
” وهو مذهب أحمد وَمَالِك ، وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيمِ .
لمَا رَوَى مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
، قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : (أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةِ
بِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ ، فَمَسَّهَا ، فَلَهَا صَدَاقُهَا ،
وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِّهَا)
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ عَلِمَ غَرِمَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
عَلِمَ ، فَالتَّغْرِيرُ مِنْ الْمَرْأَةِ ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ
الصَّدَاقِ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (12/229- 230) :
“فالتغرير إما إن يكون من الزوجة، بأن يكون بها عيب قد أخفته عن وليها، والولي عقد
، ودخل الزوج ووجد العيب ، فالغار الزوجة ، ووليها ليس عليه شيء؛ لأنه لم يعلم.
وإذا كان الولي عالماً ، وهي عالمة أيضاً، فعلى من يكون الضمان؟
إما عليهما بالتساوي، وإما على الولي ؛ لأن الغرور المباشر إنما حصل من الولي ؛
لأنه ليس من العادة أن المرأة تخرج إلى الزوج ، وتقول: إن فيها العيب الفلاني.
فالمسألة فيها احتمالان:
الأول: أن يكون بين الولي والمرأة؛ لأن كل واحد منهما حصل منه تغرير.
الثاني: أن يكون على الولي؛ لأنه هو المباشر للعقد، وكان عليه إذا علم أن في موليته
عيباً أن يبينه، فالولي قال: زوّجتك، والزوج قال: قبلت .
وهذا هو الأرجح : أن يكون الضمان فيما إذا حصل التغرير من المرأة ووليها : على
الولي”.
ثم قال :
“فالأقسام أربعة:
إما أن يكون الغرور من المرأة وحدها، أو من الولي وحده، أو منهما، أو ليس من واحد
منهما.
فإذا لم يكن من أحدهما : فلا يرد له المهر؛ لأنه لم يخدع، وقد استحل الفرج بعقد
صحيح.
وإذا كان منها وحدها دون وليها : فالضمان عليها وحدها.
وإذا كان من وليها لا منها : فالضمان على الولي.
وإذا كان منها ومن وليها، فالراجح أن الضمان على الولي” انتهى .

وعلى هذا ، فما قاله لك
القاضي صحيح ، فلك أن ترفع دعوى ضد ولي المرأة تطالبه فيها أن يرد إليك المهر ،
وليس في هذا ظلم للفتاة ولا لأبيها ، لأنك تطالب بحقك .

وإن أردت أن تصبر وتحتسب
راضية بذلك نفسك فهو خير وأفضل ، قال تعالى : ( وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ
لِلصَّابِرِينَ ) النحل/ 126 ، وقال سبحانه : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا
تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/ 22 .
وقال الله تعالى بعد أن ذكر بعض أحكام الطلاق والمهر : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ) البقرة /237 .
والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android