متزوج ، ولدي طفلان ، ونعيش في بريطانيا ، وحياتنا المادية وـ الحمد الله ـ جيدة ، ولم أقصر في النفقة على البيت ، ولا على زوجتي ، ولا على الأولاد في أي شيء ، وبقدر المستطاع ، ولكن أنا و زوجتي لسنا على وفاق ، ومشاكلنا كثيرة ، بعد شهر من الضغط النفسي والخناق وفي يوم وبعد التطاول علي بالسب ، والشتم ، والإهانة ، والصراخ في وجهي ، فقدت أعصابي ، حتى إني دفعتها ، وضربتها ضربة غير مبرحة ، ضربة واحدة ، وقلت لها : ماذا لو في ساعة غضب أن دفعتك ، أو ضربتك بشيء ، وقتلتك ، ما ذنب الأطفال أن يشردوا ، اعتبرت هي وأهلها هذا الكلام تهديدا بالقتل ، وكانت تطلب الطلاق عند أي مشكلة حتى وإن كانت صغيرة ، وتهديدها المستمر بترك بيت الزوجية وأخذ الاولاد ، حتى أصبحت العيشة صعبة بيننا ولا تطاق ، بعد تكرار طلبات الطلاق قررنا أن ننفصل ، وعلى أن أبحث لهم عن مكان للعيش فيه ؛ حتى اطمئن عليها وعلى الأطفال ، ودعوت الله أن يهدينا ، ونحن بعيدون عن بعض ، ولكن بعد عدة أيام وعند عودتي من العمل فجأت أنها أخذت الأولاد ، وكل أشياءهم ، واختفت في مكان مجهول لا يعرفه أحد منذ ثلاثة أسابيع ، ولا أعرف عنهم أي شيء.
فما حكمها في الدين؟ هل لها نفقة عندي؟ هل هذا خلع لنفسها (فسخ)من عقد الزواج ؟
أخذت الأطفال وتركت المنزل فهل لها نفقة وهل ينفسخ النكاح؟
السؤال: 245733
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ، فإن خرجت دون إذنه ، كانت عاصية ناشزا ، تسقط نفقتها – مالم تكن حاملا- وتأثم بذلك .
لكن يستثنى حالات الاضطرار ، وقد مثّل لها الفقهاء بأمثلة ، منها إذا خرجت لشراء ما لا بد منه ، أو خافت من انهدام المنزل ، أو ذهبت للقاضي أو المفتي .
قال في “تحفة المحتاج” (8/326): ” والخروج من بيته ، أي: من المحل الذي رضي بإقامتها فيه ، ولو ببيتها ، أو بيت أبيها كما هو ظاهر، ولو لعبادة ، وإن كان غائبا ، بلا إذن منه ، ولا ظن رضاه : عصيان ونشوز ؛ إلا أن يشرف البيت ، أو بعضه الذي يخشى منه ، على انهدام ، أو تخاف على نفسها، أو مالها كما هو ظاهر ، من فاسق ، أو سارق… أو تحتاج للخروج لقاض لطلب حقها، أو الخروج لتعلم، أو استفتاء” انتهى.
وينظر: “أسنى المطالب مع حاشيته” (3/239).
وقال في “مطالب أولي النهى” (5/271) : ” ويحرم خروج الزوجة : بلا إذن الزوج ، أو بلا ضرورة ، كإتيانٍ بنحو مأكل ؛ لعدم من يأتيها به ” انتهى .
ثانيا:
خروج الزوجة من بيت زوجها، لا يترتب عليه فسخ ولا طلاق، ولو طالت مدة الخروج لسنوات، فلا أثر لذلك على عصمة الزوجية ، وإنما تزول العصمة بالطلاق أو بالفسخ من الزوج أو من القاضي الشرعي.
وحينئذ ، فما زالت عصمة الزواج في يدك ، وبإمكانك محاولة جمع شمل الأسرة مرة أخرى ، والبدء معها من جديد .
ولك أن تمتنع من الطلاق ، ولو طلبته هي ، حرصا على لم شمل الأسرة ، وحفاظا على الأولاد من الضياع .
والواجب على الزوجين مراعاة الحقوق، وإحسان العشرة ، والحرص على التفاهم ، لا سيما إذا كان بينهما أولاد ، حرصا على مصلحتهم، وانظر للفائدة: السؤال رقم : (82550) .
كما ينبغي الاستعانة بأهل الفضل من أهل الزوج والزوجة للإصلاح وإزالة الشقاق ، وقد قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء/35 .
وقد أخطأت زوجتك بالتعدي عليك بالسب والإهانة ، وبالخروج من البيت بلا إذن ، وأخطأت أنت في كلامك الذي قد يفهم منه التهديد بالقتل ، ولكن إذا صدقت نيتكما في الإصلاح فإن جميع الأخطاء يمكن معالجتها، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
وقد ذكرت أن مشاكلك مع زوجتك كثيرة ، وكثرة المشاكل والنزاعات المستمرة بين الزوجين قد تفقدهما صوابهما ، وتؤثر على تفكيرهما وتصرفاتهما ، فيزداد الخطأ ويكثر النزاع .
ولذلك ، فالنصيحة لك بعد أن تبحث عنهم وتصل إليهم أن تتفاهم مع زوجتك وتحرصا على اجتماع الأسرة ، ولن يكون ذلك إلا بالتغاضي عن بعض ما يفعله الطرف الآخر ، وعدم إثارة النزاع على كل تصرف يقوم به الآخر .
وليحرص كل منكما على إصلاح نفسه وعدم فعل ما يغضب الطرف الآخر أو يثيره .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة