0 / 0

امرأة توفيت وأوصت بمال لها لجارتها لأنها كانت غاضبة من أولادها

السؤال: 246645

سيدة توفيت الأربعاء الماضي ، وكانت تربطنا بها علاقة طيبة ، كنا جيران قبل أن تنتقل للسكن مع ابنتها التي كانت تعتني بها ، وللأسف لم تكن علاقتها بأولادها جيدة ، فعندما أصبحت مقعدة أعطت لأمي صرة ـ ليس دَيْنا ـ ، وقالت لها : اتركيها عندك حتى أرجع من السفر ، فإن مت أعطيها لابنتي التي سأسافر عندها ، وإن بقيت على قيد الحياة فهي لي ، أي للسيدة المتوفاة .
فعندما رجعت من عند ابنتها لم تكن راضية عن تلك الزيارة ، فأرجعت لها أمي أمانتها ، فلم ترض أخْذَها، فقالت لأمي: إن مت فخديها .
فقالت لها أمي : لا ، ولكن بقيت هذه الصرة عند أمي تخبئها لها ، ولا أحد من أولادها يعرف عنها شيئا ، فلها بنت غير متزوجة كانت ترعاها حتى توفيت ، ولها ابنة في ألمانيا مطلقة ، ولها بنت ، ولها ولدان في فنلندا ، الأول متزوج ، والآخر لا ، فما هو التصرف الصحيح في هذا المال ؟

ملخص الجواب

فالحاصل ؛ أن وصية هذه المرأة رحمها الله تعالى ، كانت ـ على حسب الظاهر ـ بدافع الغضب من ورثتها ، وهذه قرينة واضحة أنها قصدت منعهم من مالها ، وهذا اضرار في الوصية كما سبق بيانه . فعلى هذا تكون هذه الوصية غير جائزة ، وعليك أن تسلميها لورثتها ليقتسموها القسمة الشرعية ، فإن تنازل لك عنها كل الورثة ، فيجوز لك حينئذ أخذها لأنها ملكهم ، ولهم حق التصرف فيه . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا التصرف من المرأة المتوفاة هو وصية بالمال ، لأن الوصية بالمال هي التبرع بتمليك المال بعد الموت .
ينظر : ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” (43 / 221) .

والواجب في الوصية أن تكون من باب المعروف وليس بقصد الإضرار بالورثة .
قال الله تعالى : ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ، تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء /12 – 14 .

فإن ظهر من الموصِي أنه قصد الإضرار بالورثة ( والمراد بالإضرار : حرمانهم من هذا المال الذي قسمه الله لهم في ميراثهم ) فإنها تكون وصية باطلة مردودة .
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى :
” والإضرار منه ما حدده الشرع ، وهو أن يتجاوز الموصي بوصيته ثلث ماله ، وقد حدده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لسعد بن أبي وقاص ( الثلث والثلث كثير ) .
ومنه ما يحصل بقصد الموصي بوصيته الإضرار بالوارث ، ولا يقصد القربة بوصيته ، وهذا هو المراد من قوله تعالى: (غَيْرَ مُضَارٍّ).
ولما كانت نية الموصي وقصده الإضرار لا يطلع عليه فهو موكول لدينه وخشية ربه ، فإن ظهر ما يدل على قصده الإضرار دلالة واضحة ، فالوجه أن تكون تلك الوصية باطلة ، لأن قوله تعالى : (غَيْرَ مُضَارٍّ) نهي عن الإضرار ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه ” .
انتهى من ” التحرير والتنوير ” (4 / 266) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” ومنها قوله سبحانه: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) ، فإن الله سبحانه إنما قدم على الميراث وصية من لم يضار الورثة بها .
فإذا وصى ضرارا كان ذلك حراما ، وكان للورثة إبطاله ، وحرم على الموصى له أخذه بدون رضاهم ، ولذلك قال بعد ذلك: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) إلى قوله: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا) ….
الضرار نوعان : حيف ، وإثم ، فإنه قد يقصد مضارتهم ، وهو الإثم ، وقد يضارهم من غير قصد ، وهو الحيف ؛ فمتى أوصى بزيادة على الثلث فهو مضار ، قصد أو لم يقصد . فترد هذه الوصية.
وإن وصى بدونه ، ولم يعلم أنه قصد الضرار : فيمضيها .
فإن علم الموصى له أنما أوصى له ضرارا ، لم يحل له الأخذ .
ولو اعترف الموصي : أني إنما أوصيت ضرارا ، لم تجز إعانته على إمضاء هذه الوصية ، ووجب ردها في مقتضى هذه الآية ” انتهى من ” الفتاوى الكبرى ” (6 / 55) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android