وقعت في فاحشة قوم لوط في يوم من أيام رمضان ، وتبت من هذا العمل وـ الحمد لله ـ ، وعقدت العزم على الكفارة بصيام شهرين متتابعين ، مع العلم إنني قادر على الإطعام ، ولكن آثرت الصوم على الاطعام ، وبدأت بالصوم ، وفي اليوم 15 غلبتني شهوتي ، وخلوتي ، واستمنيت ، وبهذا الفعل أفطرت في ذالك اليوم ، وفي الغد بنيت على ماصمت من قبل لغرض إكمال الكفارة لمدة شهرين متتابعين ، إلا إنني وللمرة الثانية استمنيت وأنا صائم ، ولكن هذه المرة لم أفطر، أردت أن أجاهد نفسي لكي أتم صيام شهرين متتابعين توبة إلى الله من ذنبي العظيم الذي اقرفته. أرجو منك الإفادة بحكم ما وقعت فيه ؟ وما هي كفارتي ؟
وجوب الكفارة بالوطء في الدبر في نهار رمضان
السؤال: 246807
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ما قمت به منكر عظيم وإثم كبير، وفاحشة مستقذرة ، وكونها في رمضان أعظم إثما وجرما. والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تقضي ذلك اليوم مع الكفارة.
قال ابن قدامة رحمه الله : " الكفارة تلزم من جامع في الفرج في رمضان عامدا ، أنزل أو لم ينزل في قول عامة أهل العلم".
ثم قال: " ولا فرق بين كون الفرج قبلا أو دبرا ، من ذكر أو أنثى . وبه قال الشافعي."
انتهى من "المغني" (3/60).
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (35/55) .
والكفارة هي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
ولا يجوز الإطعام لمن قدر على الصيام ، في قول جمهور الفقهاء.
ودليل ذلك ما رواه البخاري (1936) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ، قَالَ : ( مَا لَكَ ) ، قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا ؟ )، قَالَ لا ، قَالَ : ( فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ ) ، قَالَ : لا، فَقَالَ : ( فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) ، قَالَ : لا ، قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ ( وهو الزنبيل الكبير ) ، قَالَ : ( أَيْنَ السَّائِلُ ؟ ) ، فَقَالَ : أَنَا ، قَالَ : (خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ ) ، فَقَالَ الرَّجُلُ : أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا ـ يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ ـ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ، ثُمَّ قَالَ : (أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ ) ".
ثانيا:
الاستمناء –وهو تعمد إخراج المني- محرم ، وهو في الصيام أشد تحريما، لكونه مفسدا للصوم . ولا تجب به كفارة في مذهب الشافعي وأحمد ، كما سبق في الفتوى رقم : (71213) .
والاستمناء يقطع التتابع ، وهكذا كل من أفطر متعمدًا بدون عذر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا أفطر لعذر يبيح الفطر، كمرض غير مخوف أو سفر فإنه لا ينقطع التتابع ، فإذا قدر أن هذا الرجل الذي شرع في صيام شهرين متتابعين، سواء في كفارة الظهار، أو كفارة الوطء في نهار رمضان، أو كفارة القتل، إذا سافر فأفطر لم ينقطع التتابع؛ لأن هذا السفر مبيح للفطر، ولكن لو تحيل بالسفر على الإفطار قلنا له: لا يحل لك، ويلزمك الإمساك؛ لأن الواجبات لا تسقط بالحيل، فإن لم تفعل وجب عليك الاستئناف" .
انتهى من "الشرح الممتع" (13/273).
وما ذكرته من أنك في المرة الثانية لم تفطر، لا معنى له، فإن الاستمناء مفطر.
ولهذا فالواجب عليك أن تصوم شهرين متتابعين آخرين ، مع التوبة إلى الله تعالى من الفاحشة ومن الاستمناء.
واعلم أن باب التوبة مفتوح ، وأن الله تعالى يفرح بتوبة عبده، ويغفر الذنب مهما عظم .
فأحسن الظن بالله ، وأقبل عليه، وانطرح بين يديه، وادعه دعاء المضطر، وسله أن يطهر قلبك، وأن يصرف عنك السوء والفحشاء، وأن يجعلك من عباده الصالحين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة