0 / 0

يقول أذكار المساء ، وهو ينوي فعل المعصية بالليل .

السؤال: 247026

قال الطحطاوي في “مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ” حيث قال: والإتيان بالبسملة عمل يصدر من المكلف فلا بد أن يتصف بحكم ، فتارة يكون فرضا كما عند الذبح …. وتارة يكون الإتيان بها حراما كما عند الزنا ، ووطء الحائض ، وأكل مغصوب ، أو مسروق قبل الاستحلال ، أو أداء الضمان.

وسؤالي :

هل يحرم كذلك قول أذكار الصباح والمساء ؛ كآية الكرسي ، وبِسْم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو السميع العليم ، مثلا لو قالها شخص في أذكار المساء للتحصين ، وكان عازما على فعل المعصية في الليل ، هل يحرم كذلك ؟ وقياسا على ذلك هل يجوز قول ذكر الخروج من البيت لشخص ذاهب إلى مكان معصية ، لكنه يقولها للتحصن لا استعانة على المعصية ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
هذا الكلام هو مختصر ما ورد في كتاب : “حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح” لأحمد بن محمد بن إسماعيل الطحطاوي الحنفي رحمه الله . وليس في ” مراقي الفلاح ” للفقيه الحنفي حسن بن عمار بن علي الشرنبلالي رحمه الله .
ثانيا :
شرعت الأذكار الشرعية صيانة للإنسان من الشيطان الرجيم ، وحفظا له من كيده ومكره ووساوسه ، وإتماما لنعمة ربه عليه ، فالذكر حياة القلوب ، ونور الأبصار ، وقرة العيون ، وبهجة النفوس ، ومن كان من أهل ذكر الله كان من أهل السعادة في الدنيا والآخرة .
أما ذكر الله بقصد الاستعانة على المعصية فهو فعل محرم ، لأنه لا يستعان بالله ولا بذكره على معصيته ، وإنما يستعان بالله وبذكره على طاعته .

وقد ذكرنا في إجابة السؤال رقم : (106508) أن ذكر الله عند مشاهدة المنكرات الظاهرة كصور النساء : محرم لا يجوز ، لما فيه من امتهان ذكر الله ، وعدم تعظيم شعائره .
وينظر أيضا للفائدة جواب السؤال رقم : (105316) ، ورقم : (113853) .

وكون الإنسان يواظب على أذكار الصباح والمساء ، وهو عازم على فعل المعصية : لا حرج عليه في هذا الذكر ، لأنه لا يذكر الله استعانة به على معصية الله ، ولا عند التلبس بالمعصية ، ولكنه يذكر ربه كما شرع ، ويخلط معه ما نهاه الله عنه ، فعسى أن يستقبل مثل هذا التوبة ، ويكون ممن خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، فعسى الله أن يتوب عليه .
قال جعفر بن يونس الشبلي : ” كنت في قافلة بالشام فخرج الأعراب فأخذوها وأميرهم جالس يعرضون عليه، فخرج جراب فيه لوز وسكر فأكلوا منه إلا الأمير، فما كان يأكل، فقلت : له لم لا تأكل؟ قال : أنا صائم، قلت : تقطع الطريق وتأخذ الأموال وتقتل النفس وأنت صائم !!
قال: يا شيخ أجعل للصلح موضعا !
فلما كان بعد حين رأيته يطوف حول البيت وهو محرم كالشن البالي [أي : كالقربة القديمة ، والمراد : أنه يظهر عليه أثر الاجتهاد في العبادة] فقلت: أنت ذاك الرجل؟ فقال: ذاك الصوم بلغ بي إلى هذا ” انتهى من ” تاريخ دمشق ” (66/ 51) .

فقد يتوب الله تعالى على هذا العاصي ويوفقه للتوبة بسبب ذكره لله تعالى .
وقد قال الله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة/ 7، 8 ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَأَمَّا الْعَدْلُ الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ: فَهُوَ أَنْ لَا يَظْلِمَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَأَنَّهُ: مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (7/ 493) .

ومن خرج من بيته قاصدا فعل المعصية ، فقال ذكر الخروج : ( بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نَزِلَّ، أَوْ نَضِلَّ، أَوْ نَظْلِمَ، أَوْ نُظْلَمَ، أَوْ نَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا): لم يكن في فعله ذلك استخفاف بالذكر ، ولا استعانة به على معصية الله ، فليس هو داخلا في صورة النهي عن ذكر الله عند المعاصي .

وإنما الذي يجب على مثل هذا العبد : أن يهتم بحال نفسه ، وهو عازم على معصية ربه ، ولا يدري ما يختم به عمله ؟ وهل يوفق لتوبة بعد تلك المعصية ، أو يقبض عليها ، أو يحرمه الله من التوبة النصوح ، ويمده في معاصيه .
فلينصح العاقل نفسه ، وليعظم مقام ربه ، أن يبارزه بمعصيته ، أو يعقد قلبه عليها ، وليبادر بالتوبة النصوح ، وليعزم على ترك سبيل المعاصي .
ومتى غلبته نفسه على شيء من ذلك ، فليبارد بالتوبة ، من غير تسويف ، ومن أول توبته : أن يقلع عن معاصيه ، ويندم عليها ، ويوطن نفسه ، بعزم صادق مع رب العالمين : ألا يعود إليها، في دهره أبدا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android